All Writings
ديسمبر 2, 2014

الفرسان الأربعة: خامئني، نتنياهو، بوتين وأردوغان

حدث أن علي خامئني وبنيامين نتنياهو وفلاديمير بوتين ورجب طيّب أردوغان كانوا يتمشون في نفس الوقت في أحد أروقة مبنى الأمم المتحدة. ولكي يظهر بأنه رجل عادي ومتواضع نادى علي خامئني على الرجال الثلاثة صائحاً:”يا فلاديمير، طيّب، بيبي تعالوا إلى هنا ! لماذا لا نجلس معا ً و”ندردش” (نتحدّث) حول أمور ٍ كثيرة تهمنا جميعا ً”.

وبفضول ٍ لسماع ما سيقوله علي لهم، تقدّم الرجال الثلاثة نحوه بنوع ٍ من التردّد حيث كان جالسا ً على طاولة ٍ مستديرة تطلّ على نهر الإيست ريفر في نيويورك.

علي: ما هي أخباركم، آمل أن تشعروا بارتياح.

طيّب: نظرا ً للفوضى التي أواجهها في البلد وفي الخارج، ينبغي أن تعلم كيف أشعر.

فلاديمير: أوه، أنا أشعر بارتياح. كل شيء تمام معي. ماذا عنك يا بيبي ؟

بيبي: لماذا تهتمون جميعا ً بكيف أشعر حقّا ً ؟

علي: في الواقع لا نهتم. إنه لمنظر جميل، أليس كذلك ؟ النهر والمباني الجميلة… أتعلم، ينبغي أن تنتقل الأمم المتحدة إلى طهران.

بيبي: لماذا بحق السماء ينبغي أن تنتقل الأمم المتحدة إلى طهران ؟! ماذا باستطاعتكم أن تقدموا ؟

علي: حسنا ً، أنت تعلم بأن بلاد فارس تمثّل أعظم حضارة، لقد استمرينا لآلاف السنين خلافا ً لأي بلد آخر، ونحن قلب أكثر بقعة استراتيجيّة على وجه الأرض. طهران مركز الكون وسهل الوصول إليها من أيّ مكان.

طيّب: هذا أمرٌ مثير للسخرية ! إذا كانت الأمم المتحدة ستنتقل إلى أيّ مكان، فيجب أن يكون اسطنبول. لقد ورثنا بالدرجة الأولى ثروات وحضارة الإمبراطورية العثمانيّة. ونحن أيضا ً الجسر ما بين الشرق والغرب. ثمّ اسطنبول – ليس هناك مدينة أكبر في العالم من إسطنبول.

بيبي: إنس َ، القدس هي المكان الذي ينبغي أن تنتقل إليه الأمم المتحدة، فالقدس هي مهد الديانات السماوية الكبرى، وحتما ً ليس هناك مدينة أخرى تستطيع أن تنافس القدس.

فلاديمير: هراء، متى كنت آخر مرّة في موسكو ؟ ألا تعلم ماذا يمكن لموسكو أن تقدّم ؟ أنظر، سنستخدم على أية حال حقّ النقض “الفيتو” على أيّ قرار لنقل الأمم المتحدة إلى أي مكان، هذا إلاّ إذا كان موسكو.

بيبي: إصغوا، لن تذهب الأمم المتحدة إلى أيّ مكان. ولكن دعني أرجع لك يا علي. قل لي يا علي، ماذا تقصد عندما قلت هناك أمور كثيرة تجمعنا ؟ لا سمح الله أن يكون هناك شيء مشترك بيننا !

علي: هيًا الآن ! لا تذكر إسم الله عبثا ً. هل تعتقد بأننا متعطشون جميعا ً لمزيد من السلطة ؟ ألا نريد جميعنا السيطرة على جيراننا ؟ وأخبرني يا بيبي عمّا يسمونه “انتهاك حقوق الإنسان” ؟ نحن جميعا ً نزدهر بذلك، أليس كذلك ؟

طيّب: انتظر لحظة يا علي، وتكلّم عن نفسك. نحن لا نفعل في بلدنا مثل هذه الأمور. تركيا نموذج للديمقراطية الإسلاميّة من جميع النواحي. الجميع حرّ وسعيد في بلدي.

بيبي: دع عنك هذا ! لا يسيء أحد لشعبه أكثر مما تفعله أنت! حسنا ً، لربّما علي !

علي: بيبي، أنت تذهب بعيدا ً جدّا ً (زوّدتها يا رجل). أنا رجل تقيّ، وأعامل كلّ فرد ٍ من رعاياي بكرامة.

بيبي: أيوة، أنت على حقّ يا علي. الشعب الإيراني المسكين هم بالفعل رعاياك وأنت تعلم جيّدا ً كيف تستعبدهم وتقهرهم. وشيء آخر، أنا أعلم بأنك تريد سلاحا ً نوويّا ً لكي تنسفنا جميعا ً.

علي: أجل، نحن نريد سلاحا ً نوويّا ً فقط لكي نخيف الجميع، وبالأخصّ أؤلئك السنيين من حولنا. لا نريد أن نقضي عليكم، لأننا لو جرّبنا ذلك فلديكم الكثير من الأسلحة النوويّة لقتل عشرات الملايين من الإيرانيين. حسنا ً، سيصبحون جميعا ً شهداء، وهذا شيء عظيم، ولكن المشكلة الحقيقيّة هي أننا لا نعلم عمّا إذا باستطاعة جمهورية إيران الإسلاميّة أن تبقى على قيد الحياة أم لا، وهذا بالنسبة لي أهم من أيّ شيء آخر.

بيبي: هل تعتقد حقّا ً بأنني أصدّقك ؟ لا تفكّر لحظة بأننا سندعك تحصل على هذه الأنواع من الأسلحة. نحن نعلم ماذا سنفعل.

علي: أنت لا تعلم كم نحن “شاطرين”. نحن نعلم كيف نخبّىء الأشياء، وقد فعلنا ذلك لسنوات ٍ عديدة وسنفاجئكم بعد. لماذا تعتقد بأننا لم نقم بأية تنازلات حقيقيّة واتفقنا فقط هذا الأسبوع على تمديد آخر ؟ نحن نعلم كيف نتغلّب على هؤلاء الأمريكيين السذّج.

فلاديمير: أنظروا يا رجال، عمّا تتكلّمون ؟ انتهاكات حقوق الإنسان، أسلحة نوويّة، ماذا غير ذلك ؟ دعونا نتكلّم عن الأشياء الحقيقيّة – الغاز، النفط، التجارة والمال – هذا ما يهمّ فعلا ً. نحن في روسيا نهدّىء الأمور أو نشتري الناس بالمال. فإذا المال لم ينفع، وهو أمر نادر في روسيا، حينئذ ٍ نشمّر عن عضلاتنا. لهذا السبب نحن لسنا قلقين بحقوق الإنسان.

طيّب: أنت أكيد تمزح يا فلاد. أنت تحاول تهدئة الأمور. قدمي ! أنت رجل فظّ يا فلاد، حتّى أسوأ من بيبي.

علي: طيّب على حقّ. أنظر إلى الأشياء المرعبة التي فعلتها يا فلاديمير. أوّلا تضمّ القرم ثمّ ترسل قوات عسكريّة وأسلحة لشرق أوكرانيا، مئات قتلوا، وما زلت تدّعي بأنك لا تريد ضمّ باقي البلد.

فلاديمير: ما علاقة ذلك بكوني فظّ يا طيّب ؟ نحن نعرض على الأوكرانيين غاز ومال، ولكنهم لم يصغوا إلينا. إنهم يريدون الإنضمام للغرب، إنهم مجانين. في جميع الأحوال، أوكرانيا تتبع روسيا، وهذا كلّ ما في الأمر. من يستطيع أن يوقفني، أوباما ؟ أنا لست مثل بيبي الذي يريد أن يضمّ الضفة الغربيّة بأكملها ويطرد الفلسطينيين منها، فهذا فعلا ً شيء فظ.

بيبي: أنظر، أوباما لا يستطيع أن يوقفني فهو ما زال مشغولا ً بالتفكير حول ماذا سيفعل، ولن يستريح أبدا ً، فأنا أعلم ذلك. ولكن دع أوباما جانبا ً. هل تقول لي يا فلاد بأنني أريد فعلا ً أن أضمّ السامرة ويهودا ؟ وكيف أضمّ أراضي تتبع الشعب اليهودي ؟ أنا أستاء ممن يدعو إسرائيل قوّة محتلّة.

طيّب: لا تكن سخيفا ً يا بيبي ! أنت تحتلّ أرض ليست أرضك ولا تخصّك، وفوق ذلك كلّه فقد خلقت أكبر سجن مفتوح في غزّة. وللأسف، ليس لدى أوباما أية فكرة ماذا سيفعل. أنظر، أنا محرّر، وقد كنت أقاتل لتحرير الشعب الفلسطيني المسكين في غزّة، ولكنك أنت وأصدقاءك الأمريكان عديمو الشفقة، أنتم جميعا ً.

بيبي: قبل كلّ شيء، يا طيّب، ليس من شأنك أبدا ً ماذا نفعل بالفلسطينيين، وبالأخصّ حماس. لدينا معهم مشاكل أمنيّة عويصة. قل لي، ماذا عساك أن تفعل إذا أطلقت آلاف الصواريخ بدون تمييز على مدنكم وشعبكم، قل لي!. “يا رجال، الرجاء أن تقفوا عند هذا الحد !”.

طيّب: أتعلم يا بيبي، لو أنهيت الحصار، لن تطلق حماس صاروخا ً واحدا ً.

بيبي: هراء ! إنني أثق بحماس بالقدر الذي أثق بك يا سيّد رجب طيّب أردوغان. أنتم جميعا ً من عملة ٍ واحدة، لا فرق بينكم، وأنتم تكرهوننا فقط. “نقطة وسطر جديد !”.

علي: أنا أعلم ماذا تعني يا بيبي. أنت تفكّر بأننا نحن المسلمون نكره اليهود. لا، أنا أكره الإسرائيليين ولكن أحبّ اليهود.

بيبي: إذن ما تقوله هو أنّ الإسرائيليين ليسوا يهود ؟ الآن أنا أدرك بأنك تحبّ المسلمين ولكنك تكره السنيين، أليس كذلك ؟

علي: لا تغيّر الموضوع. نحن الشيعة المسلمون الحقيقيّون. والسنّة أسوأ حتّى منكم أيها الإسرائيليّون !

طيًب: لا تقل ذلك يا علي. أتعلم بأنك حقّا ً شيء مميّز. كنت أشكّ دائما ً كم لديك من السمّ ضدنا نحن السنيين، والآن أعرف ذلك. ينبغي أن تخجل من نفسك ! السنّة لا يكرهون الشيعة، ولكننا فقط لا نثق بهم. أنت دائما ً تتآمر ضدّنا.

فلاديمير: ألا تكفون الآن عن الخصام حول السنّة والشيعة ؟ هذا كلّه سخف وهراء. نحن في روسيا محظوظين جدّا ً فليس لدينا هذا النوع من المشاكل لأننا لا نؤمن بشيء. إنس َ الدين لأنه لا يأتي من الدين سوى المشاكل. المال بالنسبة لنا هو الذي يتكلّم فقط.

طيّب: فلاديمير، كيف تجرؤ على قول ذلك عن الدّين ؟ الإسلام أنقى ديانة في العالم، والقرآن يعلّمنا أن نحبّ بعضنا بعضا ً وأن نضحّي بأرواحنا من أجل بعضنا البعض.

بيبي: طيّب على حقّ. إنهم يقتلون من أجل بعضهم البعض، وهم يعدمون أيضا ً من أجل الحبّ. أنظر كيف يعتنون ببعضهم البعض في سوريا والعراق واليمن ….أوه، نعم، لقد نسيت أفغانستان.

علي: إنك تخرج يا بيبي الآن كليّا ً عن الخطّ. هذا شجار فقط في العائلة.

بيبي: بالطبع أعرف ذلك يا علي، فأنت تشعر بأنك ملتزم فقط لدعم صديقك الجزّار بشار الأسد لذبح عشرات الآلاف من المدنيين المسلمين الأبرياء. أعتقد بأنّ هذا على ما يرام، فبعد كلّ شيء يبقى كلّ شيء في العائلة.

فلاديمير: يا رجال، هذا لن يؤدي لشيء. أتدركون ما أعني ؟ الدّين لعنة. لو استطعت لحرّمت جميع الشعائر الدينيّة في روسيا. أنظروا، لماذا لا نتحدّث فقط عن الأمر الحقيقي كما أخبرتكم سابقا ً، المال والسلطة.

علي: أنت دائما ً تتحدّث عن المال. حسنا ً، دعنا نتحدّث عن المال. نحن جميعنا بحاجة للمال لتسيير شؤون بلادنا، فما هي المشكلة ؟

بيبي: أنت على حقّ يا علي، فنحن بحاجة للمال لتسيير شؤون بلادنا. ولكنني أعتقد بأن صديقنا العزيز فلاديمير يتكلّم هنا عن ما هو فيه بالنسبة لنا.

علي: ليرحمك الله العليّ القدير. نحن …أعني أنا لم آخذ مالاً أبدا ً لإثراء نفسي، وليس مثلك، لا بل مثلكم جميعا ً.

فلاديمير: حسنا ً، حسنا ً يا علي. أنت تقول بأنك لا تأخذ مالا ً. أخبرني إذن على ماذا تعيش.

علي: إنني آخذ فقط ما يوفّره لي الله القدير. ولكن أتعلم بأن الله كريم جدّا ً لمن يعبدونه ؟

بيبي: الآن أنا أفهم لماذا أنت مؤمن بعمق. أعتقد بأنه من المجدي أن يكون المرء متديّنا ً لأن الله يراقب عباده المخلصين ويدرّ عليهم المال الكثير.

فلاديمير: سبق وأن قلت لكم بأن الناس يفعلون أي شيء باسم الله. إنهم يقتلون ويذبحون ويغتصبون الأعراض ويسرقون، ولكننا نحن في روسيا نفعل ما علينا فعله. الكلّ يعلم بأننا نسرق ولا أحد يهتمّ لذلك وبالتأكيد لا يستطيع فعل أيّ شيء حيال ذلك. ولكنني أريد أن أعرف منك، يا طيّب، بما أنك تعتبر نفسك رجلا ً تقيّا ً، هل تعتمد أنت أيضا ً على كرم الله ؟

طيّب: إصغ ِ لي، الله كان دائما ً شفوقا ً تجاهي. أنا مثل علي تماما ً أفعل في بلدي ما يرضيني وكلّ شخص يظنّ بأنني منقذ تركيا. أنظر، لقد ضاعفت الإقتصاد في بلدي تركيا ثلاثة أضعاف في أقلّ من عشرة أعوام. أليس من حقي إذن أن “أقشط” بضعة ملايين من هنا وهناك وأتأكد بأن أطفالي يستفيدون من تضحياتي تجاه بلدي ؟

فلاديمير: مسكين، أنا أشعر معك. ولكن مع من تعتقد بأنك تتكلّم ؟ ألا تعتقد بأننا نعرف أفضل من ذلك ؟

علي: أصغ ِ يا فلاديمير، إنك لن تصل إلى أيّ شيء مع طيّب، فأنا “استسلمت منه” منذ فترة ٍ طويلة. ولكنني لن أدعك تسلم من الورطة يا بيبي. لا تقل لي يا سيد نتنياهو بأنك نظيف ولم تسرق أيّ مال لتنفقه على امرأتك الجميلة. ستقتلك إن خسرت وظيفتك وتوقفت عن إنفاق المال عليها.

بيبي: بالتأكيد، أنا أنفق المال على زوجتي، ولكن تذكّر بأنها دائما ً علي جانبي. إننا نكسر بين فترة ٍ وأخرى القواعد ونتّهم الحكومة ببعض القضايا هنا وهناك. حسنا ً، لقد تمّ اتهام بعض وزرائي بقضايا فساد، ولكن هذا شيء طبيعي. على أية حال، أنا حاليّا ً مشغول بتوسيع المستوطنات وبصدد تمرير قانون يعترف بإسرائيل دولة ً للشعب اليهودي، فمن يهتمّ بالفساد ؟

علي: هذا فعلا ً ما تفكّر به لتهدئة الشرق الأوسط يا بيبي ؟ ولكن دعني أعود لموضوع المال. هل تعني يا بيبي بأنك تسرق المال فقط تحت الطاولة، تماما ً مثل رفيقي العزيز هنا فلاد ؟

فلاديمير: انتظر لحظة يا علي، فأنا لم أقل أبدا ً بأنني أسرق تحت الطاولة. لا أحتاج حقّا ً لإخفاء أيّ شيء، فهذا هو الشيء الجميل ببلدي، روسيا العظمى.

علي: أصغوا يا رجال، كنت أفكّر بأن بإمكاننا إجراء حديث متحضّر وحلّ بعض المشاكل الملحّة في جوارنا، ولكن يبدو بأننا لا نرى الأمور على حقيقتها. ولكن حتّى ولو فعلنا ذلك، سيكون الوضع أسوأ، لأننا عدا ذلك كيف سنبقى في السلطة ؟

فلاديمير: لقد قلتها يا رجل ! أنا أعلم بأن شركائي هنا في هذه النقطة يتفقون معي.

بيبي: حسنا ً، على الأقلّ نحن متفقون على شيء ما.

طيّب: نعم، لربّما ينبغي علينا أن نجتمع مرّة أخرى.

علي: لا تكن مغفّلا ً، فالناس ستبدأ بالتفكير بأننا نتآمر لكي نبقى في السلطة.

TAGS
غير مصنف
SHARE ARTICLE