All Writings
سبتمبر 15, 2011

الشّرك الذي وضعه الإسرائيليون والفلسطين&#1610

بقلم: : أ.د. ألون بن مئيـــــــــــــــــــر

أستاذ العلاقات الدولية بمركز الدراسات الدولية

بجامعة نيويورك ومدير مشروع الشرق الأوسط

بمعهد السياسة الدوليـــــــــــــــــة

 

            على الولايات المتحدة التصدي للطلب الفلسطيني لعضوية الأمم المتحدة بتقديم حلّ بديل منها لمجلس الأمن الدولي. ويبحث المسئولون الأمريكيون والإسرائيليون والفلسطينيون بشكل محموم عن مختلف النقاط المؤيدة والمعارضة لخطط السلطة الفلسطينية للحصول على اعترافٍ من الأمم المتحدة الأسبوع القادم. وبصرف النظر عن الإستحقاق أو الحكمة الكامنة وراء هذا التحرك، يبدو أن الفسطينيين مصممون للمضي قدماً بخططهم إلاّ إذا وافقت إسرائيل على التفاوض بجدية وفي نفس الوقت تقوم بتجميد بناء المستوطنات خلال فترة المفاوضات، وهذا خيار مستبعد في هذه المرحلة المتأخرة. ولكن للأسف كلا الطرفين لا يريدان أو غير قادران على الاتفاق على القواعد والأسس لدعم رغبتهما المعلنة لإبرام اتفاقية سلام تخرج بحلّ الدولتين.

 

          إنّ الإخفاق في الرجوع إلى المفاوضات قبل اجتماع الهيئة العامة للأمم المتحدة في الأسبوع القادم أو تعديل أي قرار صادر عن الأمم المتحدة لإحداث زخم إيجابي في العملية السلمية سيقود إلى فترة من عدم الاستقرار بعواقب لا يمكن التنبؤ بها لجميع الإطراف: للولايات المتحدة وإسرائيل والفلسطينيين.

 

          أولاً، ستؤدي النتائج الواضحة لخطة الأمم المتحدة للنيل من نفوذ الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. فتدويل الصراع هو بمثابة صوت فعلي لعدم الثقة بقدرة إدارة أوباما لإعادة الأطراف لطاولة المفاوضات مع إمكانية النجاح في التوصل لاتفاقية سلام عادلة، وهي الإدارة التي كان يعتقد منذ زمن طويل بأنها الوسيط الوحيد الذي يوثق به لحلّ الصراع

 

العربي – الإسرائيلي.

ثانياً، ستواجه إسرائيل موجة غير مسبوقة من استمرارية جهود نزع الشرعية الدولية عنها. هناك عدد متزايد من الدول، بالتأكيد ما يفوق ثلثي المجتمع الدولي.، سيتضامن مع الفلسطينيين. أضف إلى ذلك، فإن استمرار هبوط النفوذ الأمريكي على الساحة العربية – الإسرائيلية قد يزيد من التوترات في العلاقة ما بين واشنطن والقدس.

 

          وأخيراً، الاختبار بالنسبة للسلطة الفلسطينية سيكون إدارة استراتيجية الظروف ما بعد جلسة الأمم المتحدة وذلك لتلبية التوقعات المرتفعة الناتجة عن التأييد الدولي للإعتراف بفلسطين كدولةعضو في الأمم المتحدة. وخلال كلّ ذلك، فالسلطة الفلسطينية مهددة من قبل منافستها حماس التي تعارض قرار عباس الذهاب للأمم المتحدة لأن ذلك سيثبّت حق إسرائيل في الوجود ضمن حدود عام 1967. ونتيجة لذلك قد تعود حماس لممارسة العنف ضد إسرائيل، الأمر الذي سيؤدي بالتأكيد إلى عواقب وخيمة على الشعب الفلسطيني.

 

          وبالرّغم من أنّ إسرائيل والفلسطينيين يدّعون بأنهم سئموا الصراع الأبدي بينهما فهم بالرّغم من كلّ ذلك ما زالوا يسعون وراء سياسات تأتي بنتائج عكسية وتقوّض الشرط الأساسي الذي من الممكن أن يقام عليه سلام دائم. فإذا كان نتنياهو بالفعل يسعى لحلّ الدولتين ومنع الفلسطينيين من الذهاب للأمم المتحدة، كان بمقدوره أن يوافق على البدء بالمفاوضات حول الحدود وقبول التجميد المؤقت للبناء في المستوطنات وذلك لإعطاء محمود عباس طريقة للخروج من هذا المأزق مع حفظ ماء وجهه. وبالمقابل كان بإمكان الفلسطينيين التلميح للأمريكيين بأنهم مستعدون لوقف الترويج "بقصص" قديمة وبالأخصّ فيما يتعلق بعودة اللاجئين الفلسطينيين، والموافقة على عملية تبادل أراضٍ واسعة النطاق مع إسرائيل لتشجيع الإسرائيليين على أخذهم بجدية.

 

 

          إبان ذلك أخفق اجتماع وزراء الخارجية العرب المنعقد الشهر المنصرم (آب 2011) في القاهرة في لعب أي دورٍ بنّاء وترك الأمر للفلسطينيين أن يقرروا طبيعة الخطوة التالية.

وبفعلهم ذلك، فقد أظهرت الزعامة العربية تقصيراً بدلاً من المحاولة لدفع قضية السلام إلى الأمام بشكل فعلي.

 

          لقد عارضت في الماضي التحرك الفلسطيني أحادي الجانب لاعتراف الأمم المتحدة بدولتهم، ولكن السبيل الوحيد في هذه الساعة المتأخرة لتجنب ما سيكون فترة غير مسبوقة من التشكك والتّخوف هو أن تقوم الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي بقيادة الطريق والمسك بزمام الأمور، فبمقدورهم حتى الآن أيجاد بديل يدفع عملية السلام إلى الأمام قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة والحيلولة بذلك دون وقوع كارثة محتملة.

 

          فبدلاً من استعمال حق الفيتو بكل بساطة ضد القرار الفلسطيني المقترح، على إدارة أوباما تقديم مشروع قرار يكسب تأييد مجلس الأمن الدولي بشروط لا مناص من قبولها من قبل الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني. وعلى الولايات المتحدة أن تضم صوتها للدول الأوروبية الرئيسية مثل فرنسا وبريطانيا وألمانيا التي اقترحت في الماضي وما تزال بأن أية مفاوضات إسرائيلية – فلسطينية يجب أن تحقق مستقبلاً أربعة عوامل رئيسية كشرط أساسي وهي:

1)    وضع الحدود المستقبلية على أساس حدود عام 1967 مع عملية تبادل أراضٍ يتم الإتفاق عليها بين الطرفين.

2)    ترتيبات أمنية في جميع أنحاء الضفة الغربية تلبّي المتطلبات الأمنية القومية لإسرائيل.

3)    عاصمة مشتركة في القدس عن طريق التنظيم المؤسساتي لما هو قائم حالياً على الأرض بدون تهجير أي مواطنين إسرائيليين أو فلسطينيين.

 

4)    حلّ عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين يتم التوصل إليه عن طريق التعويض و/أو إعادة توطينهم في بلدهم – الضفة الغربية وغزة.

  فبدلاً من عرض إطارً ٍ مفصّل لاتفاقية قد يرفضها الطرفان، توفّر البنود والشروط أعلاه إطاراً عاماً فيما يتعلق بحلّ الدولتين وتعالج قضايا الوضع النهائي، ابتدءاً من الحدود والأمن على النحو الذي اقترحه الرئيس أوباما. وهذا القرار الأممي يجب أن يوضع في إطار على أنّه استمرار لجهود مجلس الأمن الدولي في هذه القضية منذ نهاية حرب الأيام الستة عام 1967. وقد يخدم القرار المشار إليه كإعادة للتأكيد على القرارين رقم (242) و (338) الصادرين عن مجلس الأمن الدولي واللذين قبلتهما إسرائيل والدول العربية، وكذلك مبادرة السلام العربية من عام 2002 واتفاقيات أوسلو من عام 1993 – وجميعها اعتمدت صيغة الأرض مقابل السلام وهدف التّوصل في النهاية لحلّ الدولتين.

وبعد فشلها في إقناع الإسرائيليين والفلسطينيين لمواصلة المفاوضات قد تحاول إدارة أوباما بكل بساطة استعمال حق النقض "الفيتو" ضد القرار الفلسطيني في محاولة منها لكسب رضا مؤيدي إسرائيل في الولايات المتحدة، وبالأخصّ الجالية الإنجيلية والمثودية، قبل الإنتخابات الرئاسية القادمة، الأمر الذي سيكون خطأً فادحاً. فبدون دبلوماسية ناجحة لإيجاد طريقٍ بديل إلى الأمام سيتم تقويض مكانة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط بصورة خطيرة في الوقت الذي يجب أن تعزّز فيه الولايات المتحدة نفوذها في هذه المرحلة بالذات، مرحلة التغيير والثورات الشعبية.

 

          من شأن قرار فقط مختلف ومتوازن ومبدع في صيغته ويوفّر التأييد الدولي لحلّ الدولتين وإطاراً عملياً يعيد الطرفين إلى طاولة المفاوضات أن يمنع الإسرائيليين والفلسطينيين على حدّ سواء من السّباق باتجاه مستنقع بعواقب لا يمكن التكهن بها.


  

                            

 

           

TAGS
غير مصنف
SHARE ARTICLE