All Writings
أغسطس 23, 2006

 استمرار المقاومة المسلحة مصــدر جميع ال&#1588

بقلم:  أ.د.  ألون بن مئيرأستاذ العلاقات الدولية بمركز الدراسات الدولية بجامعة نيويورك ومدير مشروع الشرق الأوسطبمعهد السياسة الدوليــــــــة   إن اقتراف أية عملية عسكرية أم تفجيرية ضد إسرائيل في هذه الفترة الحرجة،  أو حتى التسامح بها،  يعد من أفظع الأخطاء التي قد ترتكبها حماس. خطأ قد يقوّض إلى حد كبير من سلطة الحركة ويبعثر الآمال التي ترنو أليها أغلبية الشعب الفلسطيني في العيش بسلام. يجب على حماس وبأسرع من أي وقت مضى أن تسيطر على المجموعات المسلحة الأخرى إذا لم ترد أن تصبح حكومة منبوذة وطريدة ومعرضة لسخط وانتقام الجيش الإسرائيلي وعاجزة عن الحكم بأية طريقة من الطرق.  إذا كانت حماس كحكومة ملتزمة بوقف إطلاق النار الذي دام حتى الآن سنة كاملة،  إذن بأي منطق تسمح أو لربما تشجع منظمات مسلحة أخرى على مقاومة الاحتلال بالعنف ؟  إن عملية التفجير الانتحارية الأخيرة التي أودت بحياة أربعة إسرائيليين والتي تحملت مسئوليتها كتائب شهداء الأقصى قد شكّلت إحراجا كبيرا لحماس.  فعلى الرغم من أن حماس بدورها الآن كسلطة قد تكون راغبة في صد مثل هذا الهجوم، غير أن حماس كمنظمة كما يبدو ما زالت تحتفظ بغريزة الاستمرار في مقاومة الاحتلال بالعنف.  وهذه الاستجابة اللاإرادية تقريبا تحرمها من تبني إستراتيجية أكثر عقلانية من شأنها أن تحافظ على مقدرة الحركة في الحكم.  أن قيادة حماس تدرك بالتأكيد أنه في الوقت الذي ستقوم فيه إسرائيل بملاحقة الجناة ومعاقبتهم، ستحمل الحكومة الإسرائيلية أيضا الحكومة الفلسطينية بقيادة حماس المسئولية عن هذه العملية كما فعلت سابقا مع السلطة الفلسطينية بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية.  حماس لا تستطيع بكل بساطة أن تضع على وجهها قناع الاعتدال تجاه الحكومات والفعاليات الغربية وتطلب منهم المساعدة الاقتصادية والدعم السياسي،  وفي الوقت نفسه توافق علنا أو ضمنا بأعمال الإرهاب. وباختصار،  فان استمرار المقاومة المسلحة هي مصدر جميع الشرور، وبالأخص في الوقت الحاضر الذي تتحمّل فيه،  أو على الأقل تستعد أن تتحمّل فيه الحكومتان الجديدتان،  الإسرائيلية والفلسطينية،  المسئولية لانتهاز فرصة حقيقية لفتح صفحة جديدة من العلاقات بينهما.  أنا شخصيا ضد أي عمل من أعمال العنف ومن أية جهة كان،  وسأقوم دائما وأبدا بتأييد أي اتفاق يتم التفاوض حوله،  مفضلا ذلك عن أي إجراء أحادي الجانب يحصل فيه طرف على مكاسب أكبر من الطرف الأخر. انه من المؤسف،  على أية حال،  – 2 -  أن نرى بأن النزعة لاستمرار المقاومة المسلحة قد أثرت سلبيا أيضا على تعامل حماس مع زعيم كاديما،  ايهود أولمرت،  الأكثر ترجيحا أن يصبح رئيس الوزراء القادم لإسرائيل،  وهو الرجل الذي قد التزم بوضع حدود إسرائيلية المستقبلية عن طريق الانسحاب الأحادي الجانب عند الضرورة. فإذا كان انسحاب إسرائيل سيعطي الفلسطينيين على الأقل جزءا من الذي يطالبون به،  فكيف يكون إذا الانسحاب الأحادي الجانب " وصفة للصراع " كما يقول رئيس الوزراء إسماعيل هنيه في مقال حديث له في " الجارديان  The Guardian " يوم 31 مارس ( آذار).  قيادة حماس ترغب وللأسف في الترويج علنا بالفكرة التي لا أساس لها من الصحة وهي أن إسرائيل لا تنسحب من المناطق إلا بقوة السلاح،  وذلك بالرغم من أن أي انسحاب من المناطق،  مهما كانت دوافعه،  مبرمج أصلا لتقليص الاحتلال وإنهائه في نهاية المطاف. فإذا أرادت قيادة حماس التسريع فعلا بعملية الانسحاب،  عليها المحافظة على فترة الهدوء العام وإظهار لإسرائيل ولبقية العالم بأن المناطق التي يتم الانسحاب منها لن تصبح من جديد أراض لأعمال إرهابية.  هذه هي الطريقة الوحيدة التي تستطيع حماس بها تشجيع الإسرائيليين على التسريع في عملية إنهاء الاحتلال،  خصوصا إذا أراد السيد هنية انسحابات في المستقبل وحدود نهائية يتم التفاوض عليها بدلا من تحديدها من جانب واحد.           وللوصول إلى هذا الهدف،  لا يستطيع هنية أن يدّعي في مقاله " بأن حماس مع السلام وتريد نهاية لسفك الدماء" ثم يسمح لمجموعات أخرى أن ترتكب أعمال إرهابية ضد إسرائيل دون عقاب.  أن عدم مطالبة حماس جميع الفصائل الفلسطينية بنبذ العنف والسماح لمجموعات أخرى بمقاومة الاحتلال الإسرائيلي بالعنف،  أن لم يكن بتفويض منها، سيجر على حماس عمليات إسرائيلية انتقامية سريعة وعنيفة أيضا تسبب ألما شديدا ومحنة لآلاف الفلسطينيين الأبرياء،  وهذا لم يكن ضمن وعود حماس لشعبها أثناء الحملات الانتخابية للفوز بالسلطة.            ستكون عواقب هذا التصرف المتهور انتفاضة شعبية فلسطينية أخرى،  أن لم تكن حرب أهلية،  وستدمّر حماس بذلك أغلبية الفلسطينيين اللذين يتوقون للعيش بسلام وكرامة وتقوي المجموعات المسلحة التي فقدت اتجاهها منذ زمن طويل وتريد الآن تحويل فشلها البائس إلى فضائل وانتصارات. تتناحر الآن عشرات المجموعات الفلسطينية الأخرى والحمائل فيما بينها،  هذا ناهيك هن عشرات الآلاف من قوات الأمن الموالية لحركة فتح الساخطة والتي تطوف الآن في الشوارع دون سلطة مركزية.  إذا لم تستلم حماس الآن زمام الأمور بمعنى الكلمة،  سيكون حادث قتل الفلسطينيين الثلاثة على أيدي قوات أمن فلسطينية ليس حادثا عابرا،  بل أمرا مألوفا يحدث كل يوم.  – 3 –            تمر حماس الآن على ما يبدو بعملية صعبة جدا وهي تحويل نفسها من منظمة مدرجة ضمن المنظمات الإرهابية في العالم إلى ما ترغب أن تكون عليه حماس في أعين الناس،  أي سلطة مسئولة.  وإذا كان بالإمكان الصفح عن قادة حماس على ما اقترفوه من أخطاء أولية، إلا أن التفجيرات الانتحارية لا يمكن التسامح بها.  ولنكن واضحين تماما:  سيعتمد مستقبل حماس على قدرتها ليس بالتزامها هي فقط بالهدنة،  بل الطلب من كل فلسطيني الالتزام بهذه الهدنة وثم تطبيق هذه السياسة وبكل حزم في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية،  وإلا سينتهي انتصار حماس كسراب في صحراء الشرق الأوسط دون أن يترك له أثرا.

TAGS
غير مصنف
SHARE ARTICLE