قتل قاسم سليماني يقوّض النظام العالمي
يبدو أن أولئك الذين يصفقون لاغتيال الجنرال قاسم سليماني يساوونه ببساطة على أنه إرهابي يستحق بالتأكيد أن يقابل مصيره. السؤال هنا ليس ما إذا كان يستحق أن ُيقتل أم لا ولكن هل يمكن أن يكون قتله مساوياً لمقتل أسامة بن لادن أو أبو بكر البغدادي، قادة القاعدة وداعش على التوالي؟ لقد كان هؤلاء قادة جماعات إرهابية شرسة، لا جنسية لهم وغير منتمين لأية منظمة دولية ولم يتم الاعتراف بهم من قبل دولة واحدة. لا يمكن قول الشيء نفسه عن قاسم سليماني، هذا بصرف النظر عن مدى ضراوته ، فقد كان مسؤولًا حكوميًا رفيع المستوى في إيران، في المرتبة الثانية بعد خامنئي.
هناك عشرات من رؤساء الدول الآخرين الذين يتسمون بالوحشية إن لم يكن أكثر من قاسم سليماني. هل سنقوم الآن باغتيال هؤلاء الأفراد أو نوابهم فقط لأنهم قادة لا يرحمون؟ هل أردوغان تركيا ، أو بوتين روسيا، أو شي الصين، أو كيم كوريا الشمالية، أو دوتي الفيليبين أقل قسوة من قاسم سليماني؟ لقد ارتكب هؤلاء الزعماء قساة القلب، المُعجب بهم ترامب علانية ، فظائع لا توصف.
فقط تخيل ماذا كان سيحدث لو أن إيران هاجمت قافلة سيارات ترافق نائب الرئيس بنس وقتلته بينما كان يستقل سيارته بالقرب من مطار الرياض. كيف سيكون رد فعل ترامب ؟ أجرؤ على القول إنه بالنسبة لترامب قد يكون هذا بمثابة إعلان حرب تماماً كما نظرت طهران إلى الهجوم على الجنرال قاسم سليماني. ثمّ قد يكون من شأن ترامب أن ينتقم بطريقة هائلة لأن الهجوم على مسؤول أمريكي كبير من جانب خصم سيكون ببساطة غير مقبول من قبل كل من الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء.
هذا يطرح السؤال حول أي نوع من النظم العالمية أبقينا إذا اغتال قادة دولة ما قادة بلد آخر لمجرد أنهم يبدون بلا رحمة بالنسبة لهم. لن يترتب على ذلك سوى الفوضى العالمية وتدمير فكرة وجود نظام دولي يحكم سلوك الدول ذات السيادة تجاه بعضها البعض. وهذا من شأنه أيضًا أن يتحدى مبادئ الأمم المتحدة التأسيسية ويجعل من الصعب للغاية على مجتمع الأمم أن يعمل معًا على حل المشكلات الثنائية والمتعددة الأطراف لجعل العالم مكانًا أكثر أمانًا.
ما هو أسوأ في حالة الجنرال قاسم سليماني هو أنه تم اغتياله في هذه الفترة الحاسمة بالذات بأمر من ترامب الذي كان يهدف إلى صرف انتباه الرأي العام عن جروحه ومشاكله السياسية. لا يهم أن إدارة ترامب لم تجد أي دليل على وجود خطر وشيك، ومع ذلك ، فقد خاطر ترامب بأمننا القومي بشدة لمصلحته السياسية الشخصية. إنها سنة انتخابات ، ويواجه الآن محاكمة في مجلس الشيوخ بتهمة إساءة استخدام السلطة وعرقلة الكونغرس. إذا لم تقدم السنوات الثلاث الماضية أي مؤشر على ذلك ، فلن يتوقف ترامب عن شيء ، بما في ذلك عرقلة العدالة ، والغش ، والكذب ، والإدلاء بتصريحات مضللة ، والتهديد، والرشوة… ونعم، قتل زعماء أجانب لإعادة انتخابه رئيسا ً.
إن الكارثة الأوكرانية التي انفجرت في وجهه وفي وجه كبار مستشاريه السياسيين تتضاءل مقارنة باغتيال سليماني الذي أوصلنا إلى حافة الحرب مع إيران – حرب كانت ستجعل حرب العراق تبدو وكأنها لعبة أطفال. إن الحرب مع إيران من شأنها أن تكلف الآلاف من الضحايا الأمريكيين بتكلفة فلكية بينما تغرق الشرق الأوسط في صراع عنيف لا ينتهي ولا يرحم أيًا من أصدقائنا وحلفائنا.
تصرف ترامب تمامًا كدكتاتور. وأي عضو جمهوري واحد في الكونغرس يظهر ولاءًا لترامب أكثر من ولائه للبلد يصبح متواطئًا في خيانته للبلاد. لدى أعضاء مجلس الشيوخ، بصفتهم محلفين في محاكمة عزله، الفرصة لإدانته بناءً على الأدلة الغالبة على أنه أساء استغلال سلطته وأعاق الكونغرس.
يجب إيقافه الآن لأنه خطير للغاية ومتهور للغاية لأن يُعهد إليه بالأمن القومي ورفاهية الأمة. وسيكون أعضاء مجلس الشيوخ الذين يبرّؤن ساحته في محاكمته خائنين وسيُقدّمون أنفسهم للمحاكمة في شهر نوفمبر/ تشرين ثاني المقبل.
وتحت أي ظرف من الظروف، سيترك ترامب منصبه كرئيس مخلوع جعل العالم أقل أمانًا من خلال أنه يخدم مصلحة أعداء أمريكا. ونحن وحلفاؤنا سندفع الثمن في النهاية.