حــان الوقــــــــــــــــت
أستاذ العلاقات الدولية بمركز الدراسات الدوليةبجامعة نيويورك ومدير مشروع الشرق الأوسطبمعهد السياسة الدوليــــــــة لقد قيل مراراً وتكراراً بأنه لا يوجد منطق أو سبب أو عقلانية للصراع الإسرائيلي- الفلسطيني الذي لا ينتهي أبداً. يبدو أن هذه الملاحظة تصف جنون الأحداث الحالية وتؤكد أيضاً على جنون حماس المأساوي وغيرها من المجموعات المسلحة الأخرى التي في اعتقادهم أنه بإمكانهم هزم واحدة من أقوى الآليات العسكرية بشعارات فارغة وصواريخ بدائية أشبه ما تكون بمفرقعات نارية. هذا لا يعني بأن إسرائيل دائماً على حق والفلسطينيين دائماً على باطل. لقد قامت إسرائيل بأخطاء كثيرة سأتطرّق إليها في مقالتي القادمة. ولكن الواقع يقول بأنّ حماس وأنصارها لن يتمتعوا بحق العيش حياة طبيعية إذا أنكروا على إسرائيل نفس الحق. وفي النهاية ستتحطم حماس على مذبح أحلامها المستحيلة وغطرستها القاتلة. لقد دافعت خلال فترة حياتي عن السّلام والمصالحة ما بين إسرائيل والفلسطينيين على أساس حل الدولتين، وكنت في مقالاتي من أشد المناصرين لإعطاء قادة حماس الوقت والفرصة لتعديل مواقفهم سياسيّاً بما يتوافق مع سلطتهم الجديدة، متأملاً، لربما عكس الأمل، أن هؤلاء القادة وقد استلموا زمام السلطة الحقيقية سيأخذون على عاتقهم هذه المسؤولية بصورة جدية ويركزون على إنهاء معاناة شعبهم. وكانت الطريق لتنفيذ مهمتهم هذه قد أصبحت أسهل من ذي قبل بسبب تشكيل حكومة جديدة في إسرائيل تعهّدت منذ البداية بإخلاء السواد الاعظم من المناطق. ولو تمّ خلق الجو الهادئ والمناسب لذلك، لكان من الممكن إجراء مفاوضات سلمية ستكون نهاية مطافها تحقيق معظم أحلام الفلسطينيين. لكن حماس قرّرت تبديد هذه الفرصة الذهبية، كغيرها من الفرص العديدة التي ضاعت من قبل، ومرّةً أخرى الخاسرون هم عامة الفلسطينيين. أقول كلّ هذا لأنني أتألم من أعماق قلبي عندما أرى عشرات الفلسطينيين يموتون ظاهريّاً من أجل قضية في حين أنهم يموتون حقيقة بيأس. لقد تم اقتيادهم من قبل قادة مضللين باع الكثيرين منهم أرواحهم للشيطان ليبقوا في الصورة. ماذا فعل في الآونة الأخيرة خالد مشعل, رئيس المكتب السياسي لحركة حماس, للشعب الفلسطيني؟ إنّه جالس على كرسيه المنجّد في دمشق بعيداً عن بؤس وشقاء ومعاناة شعبه في قطاع غزة والضفة الغربية ويتمتع بالحصانة وأطايب النفس التي يقدمها له مضيفوه السوريون في حين يتم تمويله بنقود إيرانية. إن مشعل ليس إلاّ عون قد غـرّ به من قبل أسياده السوريين والإيرانيين, ولكن الشعب الفلسطيني, الناس العاديون, الفقراء القانطون, الشباب وكبار السن, جميعهم يعاني من خيانته لقضيتهم الحقيقية. وماذا عن ما يدعيه قادة حماس المعتدلين, بما فيهم رئيس الوزراء إسماعيل هنية؟ لقد وقعوا للأسف الشديد في نفس المصيدة. لقد نسوا, في الوقت الذي يتدثرون بالرايات الخضراء وينفخون بالبوق معلنين الشرعية الممنوحة لهم بالانتخابات, أوّل شيء في الممارسة المسئولة للسلطة أو الحكم. الشيء الوحيد الذي يفوق غطرستهم وتملقهم الذاتي هو تهورهم المطلق وعدم مبالاتهم لمحنة شعبهم. كيف تستطيع حماس تحدي المجتمع الدولي ثم تلتمس المساعدة الخيريّة من نفس الدول؟ كيف تستطيع حماس أن تطالب بحق الحكم كسلطة شرعية في الوقت الذي فشل فيه قادة المنظمة على ممارسة أي ضبط على جناحهم العسكري وغيره من المجموعات المسلحة الأخرى؟ كيف لهم أن يطالبوا بنهاية الاحتلال الإسرائيلي في الوقت الذي يستعملون فيه المناطق التي أخلاها الإسرائيليون كأراضي لهجمات لا ترحم ضد إسرائيل؟ نعم, إسرائيل مذنبة في احتلالها أراضي فلسطينية, ولكن حماس وغيرها من المجموعات المسلحة عديمة العقل هم أنفسهم مذنبون بتطويل أمد الاحتلال بأفعالهم. ولكن ما هي الإجراءات أو الوسائل التي تخطّط لها حماس لهزم إسرائيل ؟ بعض ما يسمون أنفسهم قادة حماس يدّعون بأنهم جاهزون للموت من أجل القضية. ألا يحق للفلسطينيين أن يعرفوا ما هي تلك القضية وعما إذا هم مستعدون أيضا للموت من أجل شيء لم يجلب لهم سوى الدمار ؟ إن كل فلسطيني، رجلا كان أم امرأة أم طفل، يعرف في أعماقه أن ليس هناك أية فضيلة مهما كانت للموت من أجل أخطاء تكررت وفرص كثيرة ضاعت. وهناك بعض الفلسطينيين التهكميين الذين يقولون أنه من الضروري استمرار المقاومة المسلحة لأنه لم يبق لدى الشعب الفلسطيني شيء يخسره. كفّوا عن ذلك وفكّروا بأن استمرار العنف الموجه ضد إسرائيل والذي لا معنى له سيضيّع على الفلسطينيين أكثر من ذلك بكثير، ليس فقط ما تبقى من مجتمعهم المدني ومن مؤسساتهم، بل أيضا وحلمهم الذي انتظروه طويلا في إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة. فبدلا من استغلال الوقت الذي منحته لهم إسرائيل والمجتمع الدولي للمسك بالحقائق السياسية والفعلية والبحث عن حلّ عملي لمأساة ومعاناة الشعب الفلسطيني، قرّر قادة حماس الانضمام للمسلّحين المتطرفين الذين يتصرفون بطيش وتهور. وبالتخلّي عن الهدنة التي استمرّت ستة عشرا شهرا عزّز قادة حماس صورتهم كإرهابيين متحدين المنطق والوقت والظروف. ونتيجة لذلك، لم يخسروا بكل بساطة أرضيتهم السياسية التي لا تعوّض، بل وأيضا سلطتهم المعنوية لقيادة شعبهم ومعها أيضا فقدان تفويضهم الانتخابي. لقد حان الوقت الآن للفلسطينيين للكشف عما يريدونه فعلا وعن من سيقودهم إلى أرض الميعاد. إن قيام السيد إسماعيل هنية بطلب وقف متبادل لإطلاق النار هي الطريق الوحيدة التي ستسمح لقيادة حماس بالخروج من المستنقع الحالي، ولطن بشرط أن يكون وقف إطلاق النار هذا شاملا ويطبق بحذافيره ومستمرا.بقلم: أ.د. ألون بن مئيرأستاذ العلاقات الدولية بمركز الدراسات الدوليةبجامعة نيويورك ومدير مشروع الشرق الأوسطبمعهد السياسة الدوليــــــــة لقد قيل مراراً وتكراراً بأنه لا يوجد منطق أو سبب أو عقلانية للصراع الإسرائيلي- الفلسطيني الذي لا ينتهي أبداً. يبدو أن هذه الملاحظة تصف جنون الأحداث الحالية وتؤكد أيضاً على جنون حماس المأساوي وغيرها من المجموعات المسلحة الأخرى التي في اعتقادهم أنه بإمكانهم هزم واحدة من أقوى الآليات العسكرية بشعارات فارغة وصواريخ بدائية أشبه ما تكون بمفرقعات نارية. هذا لا يعني بأن إسرائيل دائماً على حق والفلسطينيين دائماً على باطل. لقد قامت إسرائيل بأخطاء كثيرة سأتطرّق إليها في مقالتي القادمة. ولكن الواقع يقول بأنّ حماس وأنصارها لن يتمتعوا بحق العيش حياة طبيعية إذا أنكروا على إسرائيل نفس الحق. وفي النهاية ستتحطم حماس على مذبح أحلامها المستحيلة وغطرستها القاتلة. لقد دافعت خلال فترة حياتي عن السّلام والمصالحة ما بين إسرائيل والفلسطينيين على أساس حل الدولتين، وكنت في مقالاتي من أشد المناصرين لإعطاء قادة حماس الوقت والفرصة لتعديل مواقفهم سياسيّاً بما يتوافق مع سلطتهم الجديدة، متأملاً، لربما عكس الأمل، أن هؤلاء القادة وقد استلموا زمام السلطة الحقيقية سيأخذون على عاتقهم هذه المسؤولية بصورة جدية ويركزون على إنهاء معاناة شعبهم. وكانت الطريق لتنفيذ مهمتهم هذه قد أصبحت أسهل من ذي قبل بسبب تشكيل حكومة جديدة في إسرائيل تعهّدت منذ البداية بإخلاء السواد الاعظم من المناطق. ولو تمّ خلق الجو الهادئ والمناسب لذلك، لكان من الممكن إجراء مفاوضات سلمية ستكون نهاية مطافها تحقيق معظم أحلام الفلسطينيين. لكن حماس قرّرت تبديد هذه الفرصة الذهبية، كغيرها من الفرص العديدة التي ضاعت من قبل، ومرّةً أخرى الخاسرون هم عامة الفلسطينيين. أقول كلّ هذا لأنني أتألم من أعماق قلبي عندما أرى عشرات الفلسطينيين يموتون ظاهريّاً من أجل قضية في حين أنهم يموتون حقيقة بيأس. لقد تم اقتيادهم من قبل قادة مضللين باع الكثيرين منهم أرواحهم للشيطان ليبقوا في الصورة. ماذا فعل في الآونة الأخيرة خالد مشعل, رئيس المكتب السياسي لحركة حماس, للشعب الفلسطيني؟ إنّه جالس على كرسيه المنجّد في دمشق بعيداً عن بؤس وشقاء ومعاناة شعبه في قطاع غزة والضفة الغربية ويتمتع بالحصانة وأطايب النفس التي يقدمها له مضيفوه السوريون في حين يتم تمويله بنقود إيرانية. إن مشعل ليس إلاّ عون قد غـرّ به من قبل أسياده السوريين والإيرانيين, ولكن الشعب الفلسطيني, الناس العاديون, الفقراء القانطون, الشباب وكبار السن, جميعهم يعاني من خيانته لقضيتهم الحقيقية. وماذا عن ما يدعيه قادة حماس المعتدلين, بما فيهم رئيس الوزراء إسماعيل هنية؟ لقد وقعوا للأسف الشديد في نفس المصيدة. لقد نسوا, في الوقت الذي يتدثرون بالرايات الخضراء وينفخون بالبوق معلنين الشرعية الممنوحة لهم بالانتخابات, أوّل شيء في الممارسة المسئولة للسلطة أو الحكم. الشيء الوحيد الذي يفوق غطرستهم وتملقهم الذاتي هو تهورهم المطلق وعدم مبالاتهم لمحنة شعبهم. كيف تستطيع حماس تحدي المجتمع الدولي ثم تلتمس المساعدة الخيريّة من نفس الدول؟ كيف تستطيع حماس أن تطالب بحق الحكم كسلطة شرعية في الوقت الذي فشل فيه قادة المنظمة على ممارسة أي ضبط على جناحهم العسكري وغيره من المجموعات المسلحة الأخرى؟ كيف لهم أن يطالبوا بنهاية الاحتلال الإسرائيلي في الوقت الذي يستعملون فيه المناطق التي أخلاها الإسرائيليون كأراضي لهجمات لا ترحم ضد إسرائيل؟ نعم, إسرائيل مذنبة في احتلالها أراضي فلسطينية, ولكن حماس وغيرها من المجموعات المسلحة عديمة العقل هم أنفسهم مذنبون بتطويل أمد الاحتلال بأفعالهم. ولكن ما هي الإجراءات أو الوسائل التي تخطّط لها حماس لهزم إسرائيل ؟ بعض ما يسمون أنفسهم قادة حماس يدّعون بأنهم جاهزون للموت من أجل القضية. ألا يحق للفلسطينيين أن يعرفوا ما هي تلك القضية وعما إذا هم مستعدون أيضا للموت من أجل شيء لم يجلب لهم سوى الدمار ؟ إن كل فلسطيني، رجلا كان أم امرأة أم طفل، يعرف في أعماقه أن ليس هناك أية فضيلة مهما كانت للموت من أجل أخطاء تكررت وفرص كثيرة ضاعت. وهناك بعض الفلسطينيين التهكميين الذين يقولون أنه من الضروري استمرار المقاومة المسلحة لأنه لم يبق لدى الشعب الفلسطيني شيء يخسره. كفّوا عن ذلك وفكّروا بأن استمرار العنف الموجه ضد إسرائيل والذي لا معنى له سيضيّع على الفلسطينيين أكثر من ذلك بكثير، ليس فقط ما تبقى من مجتمعهم المدني ومن مؤسساتهم، بل أيضا وحلمهم الذي انتظروه طويلا في إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة. فبدلا من استغلال الوقت الذي منحته لهم إسرائيل والمجتمع الدولي للمسك بالحقائق السياسية والفعلية والبحث عن حلّ عملي لمأساة ومعاناة الشعب الفلسطيني، قرّر قادة حماس الانضمام للمسلّحين المتطرفين الذين يتصرفون بطيش وتهور. وبالتخلّي عن الهدنة التي استمرّت ستة عشرا شهرا عزّز قادة حماس صورتهم كإرهابيين متحدين المنطق والوقت والظروف. ونتيجة لذلك، لم يخسروا بكل بساطة أرضيتهم السياسية التي لا تعوّض، بل وأيضا سلطتهم المعنوية لقيادة شعبهم ومعها أيضا فقدان تفويضهم الانتخابي. لقد حان الوقت الآن للفلسطينيين للكشف عما يريدونه فعلا وعن من سيقودهم إلى أرض الميعاد. إن قيام السيد إسماعيل هنية بطلب وقف متبادل لإطلاق النار هي الطريق الوحيدة التي ستسمح لقيادة حماس بالخروج من المستنقع الحالي، ولطن بشرط أن يكون وقف إطلاق النار هذا شاملا ويطبق بحذافيره ومستمرا.