نفحة من الهزل في أحد أيام الصيف الحارّ … نقــاش ما بين نتنياهو وعباس
فيما يلي نقاش مصطنع ما بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (بيبي) ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن).
التقى الإثنان بالصدفة في القدس الشرقية في فندق “كولوني”، ولم يكن لهما مفرّ سوى إلقاء تحية عابرة على بعضهما البعض وشعرا أن إجراء حديث شخصي غير رسمي بينهما لن يضرّ، فالتجأ الإثنان إلى غرفة آمنة في الفندق وجرى بينهما الحديث التالي:
أبو مازن: كيف حالك يا بيبي؟ أعتقد أن لا ضيم في أن أدعوك “بيبي” !.
بيبي: طبعاً، نحن أصدقاء قبل كل شيء. كيف حالك، وكيف حال الأولاد؟
أبو مازن: أولادي؟ أولادي والحمد لله على ما يرام، ولكن دعنا نبقى على بساط الواقع!
منذ متى أصبحنا أصدقاء؟
بيبي: أنت تعلم يا أبا مازن بأننا نعيش جنباً…….
أبو مازن: وفّر عليّ كل هذه المجاملات الزائفة. تقول جيران؟ جعلتني أضحك! نحن لدينا
(يقاطعه): مشكلة معك يا صديقي!
بيبي: عمّا تتكلّم، أية مشاكل؟
أبو مازن: تقول أية مشاكل؟ يجب عليك ….. اللعنة! أنا لا أدري لماذا نتحدّث معاً!
بيبي: ليس هناك خطأً في الحديث سوياً، فأنا واثق بأنك تتفق معي على أن شيئاً
من “الدردشة” لن يضر!
أبو مازن: دعنا نتكلّم إذن! أخرج من أرضي، كفى! إن إعجبك هذا أم لا، سنتخلّص من الاحتلال!
بيبي: احتلال؟ كيف بنا نحتلّ أرضنا؟
أبو مازن: أنت تضحّك يا سيّد رئيس الوزراء. أنت تنكر كل شيء، الحقيقة، الواقع… إنس!
بيبي: أنا أعلم بأنك مُحبط. فأنا محبط أيضاً.
أبو مازن: أنت محبط لأنك مهما حاولت لن تستطيع أن تأخذ أرضنا.
بيبي: أنت تعلم بأننا كنّا هنا….. هنا على أرضنا لأكثر من 3000 عام.
أبو مازن: يـا !! أنا أرى، 3000عام. وال 1500عام التي نحن عليها، ألا تكفي؟
بيبي: حسناً، أنت تعلم بأن 3000عام هي الضعف. على أية حال، فالله أورثنا
هذه الأرض.
أبو مازن: أخبرني متى تكلّمت آخر مرّة فيها مع الله؟
بيبي: أنا أصلّي كلّ يوم، وأحسّ ذلك في عظامي، فالله يريد أن نحتفظ بكلّ أرضنا.
أبو مازن: يا إلهي، لم أكن أعلم بأنني أتحدّث لنبي جديد، النبي نتنياهو.
بيبي: لست نبياً. حسناً، بطريقة ما أنا نبي. أنا فقط أنفّذ إرادة الله، فكل شيء مكتوب
في التوراة.
أبو مازن: التوراة! وماذا يهمني ذلك، فهذه أرضنا، نحن نعيش هنا منذ …..
بيبي: أنا أعلم، أنت تكرّر نفس الشيء، ولكن الله يختبر تصميمنا، لهذا السبب……
أبو مازن: ألهذا السبب أنت مستمرّ في بناء المستوطنات وسلب أرضنا، كل ذلك باسم الله؟
بيبي: أنظر.. أتريد حلّاً؟ تمام، كل ما تحتاجه هو الإعتراف بإسرائيل كدولة يهودية و..
أبو مازن: أنت شيء آخر. أنا متأكد بأنك تردّد نقاط الحديث التي لقّنتك إياها سارة!
بيبي: تعني سارة، زوجة جدّنا إبراهيم؟
أبو مازن: لا تكن سخيفاً، كم من سارة في حياتك؟
بيبي: دع زوجاتنا خارج هذا الموضوع!
أبو مازن: أنت تعني زوجتك!
بيبي: زوجتي سارة تدعم السلام ما دمنا نتمسك بكلّ الأرض.
أبو مازن: ما أكرمها! نحن الآن نعتمد على زوجتك لنستعيد أرضنا.
بيبي: لسنا بحاجة إلى إهاناتك. إنني قادر تماماً على اتخاذ قراراتي بنفسي!
أبو مازن: لا أصدّق! وماذا عن ذلك الفتى المجنون، ما إسمه بالله عليك؟
بيبي: أنت تعني الوزير نفتالي بينيت؟
أبو مازن: يسرّني أنك تعرف كلّ المجانين الذين يجلسون في حكومتك.
بيبي: أصغِ، نحن بلد ديمقراطي، ولكل فرد الحق في أن يعتقد ويقول أي شيء يريده.
أبو مازن: طبعاً، خصوصاً إذا أرادوا ضمّ كلّ المنطقة (ج)، 60% من أرضنا فلسطين.
بيبي: أنت تعني يهوذا والسامرة؟ على أية حال، لم نقم بضمّها بعد!
أبو مازن: تقول “ليس بعد”! وتريدني أن أصدّق بأنك تؤيّد حلّ الدولتين. يا له من كلام سخيف !
بيبي: بالطبع أنا كذلك (المقصود تأييد حلّ الدولتين)
أبو مازن: سامحني يا بيبي، فأنت منافق ولا أثق بك لحظة.
بيبي: أشعر بأنني مُهان، لا أستطيع سوى…..
أبو مازن: تذكّر ما قلت في الإنتخابات الأخيرة “لن تُقام دولة فلسطينية في عهدي”
بيبي: أنت لا تفهم، كلّها سياسات! لأكون صادق معك، أنا لا أثق بك أيضاً.
أبو مازن: إستمرّ في ذلك ! لا ثقة، لا أمن، لا شريك تفاوض، ماذا عدا ذلك؟
بيبي: أشياء كثيرة. رفاقك مستمرون في مهاجمتنا. هل قلت يوماً ما لإضحوكتك ، صائب عريقات، بأن يخرس؟
أبو مازن: لماذا أقول له أن يخرس؟ إنه يقوم بعمل جيّد. نحن أيضاً بلد ديمقراطي، أنت
تعلم ذلك!
بيبي: ديمقراطية؟ إنه يسمّم شعبنا ضدكم بهجماته اللفظية الغبيّة.
أبو مازن: أنظر من يتكلم! أنت تعامل شعبنا كما لو كانوا حيوانات، ماذا تتوقّع ؟!!
بيبي: نحن نتوقّع بعض الكياسة.
أبو مازن: لا تدعني أضحك! كياستكم تتماشى تماماً مع احتلالكم…. ما أجمل ذلك!
بيبي: أنت تكرّر دائماً…..
أبو مازن: وأنت تناطح دائماً . نحن نعاني من معاملتكم السيئة، وأنت تكلمني عن الكياسة
يا رجل!
بيبي: أنتم جلبتم ذلك على أنفسكم. إرهاب، اختطاف، عمليات طعن، وفوق ذلك كله…..
أبو مازن: والمستوطنون المساكين كلّهم ملائكة. أتريدني أن أشعر بالأسف نحوهم؟
بيبي: نحن بلد القانون والنظام. أي مستوطن يرتكب جريمة يواجه العدالة.
أبو مازن: مع وزيرة العدل شاكيد التي تريد قتل جميع الفلسطينيين؟ عدالة، يا لها من نكتة!
بيبي: ألا تفهم، شاكيد لا تفعل شيئاً بدون موافقتي.
أبو مازن: سيد رئيس الوزراء، لقد عيّنت عدداً كبيراً من الوزراء المرضى في حكومتك، واجه هذا الأمر!
بيبي: إنه فقط كلام، إنهم لا يقصدون الأذى بعكس رفاقك في حماس.
أبو مازن: حماس هي مشكلتك. أنت خلقت حماس، والآن تريد أن تعقد اتفاقاً معهم.
بيبي: أي اتفاق؟ لم نعمل أي اتفاق مع حماس.
أبو مازن: يا لك من ماكر! أنت تريد هدنة طويلة الأمد مع حماس لكي تحافظ على الهدوء في غزة و….
بيبي: إنتظر لحظة!
أبو مازن: مثلما قلت، هدوء في غزة واحتلال على أرضنا، يا له من ترتيب جيد ومريح!
بيبي: أنت مخطىء يا صديقي. هدنة مع حماس، لو حدثت، هي في صالحك أنت أيضاً.
أبو مازن: أي اتفاق من وراء ظهري ليس جيداً لشعبي.
بيبي: ولكن أليست حماس جزء من شعبك؟
أبو مازن: فرق شاسع، فأنا أمثّل جميع الفلسطينيين.
بيبي: أظن بأنك قلت بأن حماس هي مشكلتي أنا؟ حسن أن أعرف كيف أن جميعكم متحدون.
أبو مازن: أنت تتمتّع بشعور التّفوق بغرور، أنا لا أدري لماذا أضيّع وقتي معك!
بيبي: محمود، لا حاجة أن تتكلّم الآن، ولكن عاجلاً أم آجلاً ستحتاجني لعقد اتفاق.
أبو مازن: لا، لست بحاجة لك. سأذهب إلى مجلس الأمن ومحكمة الجنايات الدولية، وهذه ستتعامل معك.
بيبي: لا أكترث أبداً لا بمجلس الأمن الدولي ولا بمحكمة الجنايات الدولية ولا بال”بي.بي.سي.”، في النهاية ستحتاجنا لعقد أي اتفاق.
أبو مازن: قل لي يا سيد متعجرف، إلى أي مدى تفكر بأنه بإمكانك أن تبقينا هادئين؟
بيبي: حسناً، أنت تعلم، أقصى قدر ممكن، ولكننا سنتدبر الأمر كما نفعل دائماً.
أبو مازن: نحن هنا لنبقى، وسنجعل الأرض جحيماً تحت أقدامكم لحين إقامة دولتنا فلسطين.
بيبي: إسمع، إفعل ما يحلو لك، فنحن هنا أيضاً لنبقى، ونحن المسيطرون.
أبو مازن: أنت تظن بأنك مسيطر على الوضع؟ كما قلت يا سيد، اخرج من أرضنا.
بيبي: أين تظن بأننا ذاهبون؟
أبو مازن: لا يهمني إلى أين ستذهبون. أخرج واحترم حقوق ملايين اللاجئين الفلسطينيين و ….
بيبي: هل من شيء آخر ؟ هل تريد أيضا ً كلّ القدس ؟
أبو مازن: لا، فقط القدس الشرقيّة…القدس الشرقيّة هي عاصمتنا.
بيبي: حسنا ً، هذا كرم ٌ عظيم منك، هل أنت متأكّد بأنك لا تريد تل أبيب أيضا ً ؟
أبو مازن: لا نريد تل أبيب ولا نريد حيفا. نريد بلدنا.
بيبي: أنت تكرر دائماً بلدنا، بلدنا، وماذا عنّا نحن !؟
أبو مازن: أتعلم يا بيبي، شعبي يكرهك. شعبك ..الإسرائيليون سيكرهونك أنت أيضا ً.
بيبي: هل أنت تمزح ؟ شعبي يحبّني. كلّ واحد منهم يفكّر بأنني مخلّصهم.
أبو مازن: هل سمعتم ذلك ؟ إنّه مخلّص الإسرائيليين ! رائع، موسى جديد يتواجد بيننا !
بيبي: بإمكانك أن تسخر بقدر ما تريد، ولكنني ….
أبو مازن: أنا لا أسخر، أنا فقط أصلّي بأن ينجّي الله الإسرائيليين منك.
بيبي: لا تقلق، إنهم في أيدي أمينة ما دمت أنا أقود السفينة.
أبو مازن: يا رجل، أنت أسوأ قبطان …
بيبي: نعم ؟ أنظر كم قطعنا من مشوار، وانظر أين أنت !
أبو مازن: كلّ ما أستطيع أن أخبرك به هو أنّه إذا استمريت في الإبحار بهذه الطريقة،
فإنك حتما ً ستصطدم بسفينتي.
بيبي: وماذا في ذلك ؟ سفينتي أكبر وأقوى بكثير من سفينتك. عليك أن تقود سفينتك
بعيدا ً عنها !
أبو مازن: حطام آخر، ماذا في الأمر ؟ ليس لدينا الكثير مما سنخسره.
بيبي: إسمع، نحن لا نريد ذلك، وأنت أيضا ً لا تريد ذلك.
أبو مازن: خطأ، أنت لا تريد ذلك، ولكننا ….
بيبي: ولماذا ذلك ؟
أبو مازن: لأنك تريد كلا الأمرين، تريد التهدئة وتريد الإحتلال في نفس الوقت.
بيبي: أتعلم يا أبو مازن، يمكنك أن تكون مضحكا ً في بعض الأحيان.
أبو مازن: ليس هناك ما يُضحك حول هذا الأمر. النقاش كلّه معك لا فائدة منه.
بيبي: آسف إن كنت تشعر بهذه الطريقة.
أبو مازن: أنا آسف أيضا ً. الأفضل أن أترك هذا المكان. أراك في المحكمة يا سيّد بنيامين نتنياهو.