All Writings
أبريل 4, 2011

حان الآن وقت المصالحة بين إسرائيل و&#157

 

حان الوقت لأوردوغان ليعيد تقييم تركيا

ولنتياهو للعمل وفقاً لنصيحته

 

        تبرز على نطاق شخصي وبهدوء في مناقشات ما بين مسئولين سياسيين ومحلّلين في كلا البلدين، إسرائيل وتركيا، أهمية إدراك الحاجة إلى استئناف علاقات عمل إيجابية بينهما. وعند قيام الحكومتين في القدس وأنقرة، كلّ على حدة، بتقييم الاضطرابات والثورات التي اكتنفت جميع أرجاء الشرق الأوسط، تجدان بأنهما الدولتان الوحيدتان اللتان لديهما رابطة من الديمقراطية الفاعلة – ولو أنها غير كاملة – إضافة إلى حكم مستقرّ وأجهزة أمن فعّالة واقتصاديات مزدهرة. ولكن للأسف، فهذا ليس كلّ ما تشترك به الدولتان، فتركيا وإسرائيل معاقتان نتيجة الخطابات والتصريحات السياسية المضلّلة ومزاجهما فيما يتعلق بعلاقتهما الثنائية. فبعد الأزمة السياسية الناتجة عن حادثة أسطول كسرالحصار عن غزة في شهر أيار (مايو) من العام المنصرم وصلت العلاقات التركية – الإسرائيلية – التي كانت أصلاً في حالة تردّي آنذاك قبل الحادثة – إلى الحضيض وفشلت منذ ذلك الوقت في استعادة منزلتها الوطيدة بصورة ملموسة.

 

          وعلى أية حال قد تخدم التحديات العديدة المشتركة التي يواجهها كلا البلدين في المنطقة في الوقت الحاضر جسر الفجوات التي أبقت على مصالحتهما في وضع ٍ حرج، هذا إضافة ً إلى إعادة تشكيل العلاقات الإسرائيلية – التركية وسط شرق أوسط يتغيّر بصورة سريعة.

 

          فبدلاً من أن تخدم نتائج التقارير الصادرة عن اللجنة الإسرائيلية – التركية والتقرير التركي اللاحق بها أغراض استقصاء حادث الأسطول الذي وقع يوم 31 شهر أيار (مايو) 2010، ثبّتت هذه النتائج فقط المواقف المستترة لكلّ من الجانبين وأصبحت النتائج قابلة للتنبؤ بها بالقدر الذي كانت فيه متناقضة مع بعضها البعض: فقد ذكرت اللجنة الإسرائيلية بأنّ "السفينة مرمرة بمقاومتها الإحتلال بوضوح قد أصبحت هدفاً عسكرياً" وأنّ "المسافرين على ظهرها هم المسئولون عن العنف"، هذا في حين أورد التقرير التركي بأن الجنود الإسرائيليين قد استخدموا "القوة المفرطة بدون تميز وبدون تناسب". وقد قضى نشر الاستنتاجات المتضاربة وبصورة فعّالة على الشعور الودي الذي بدأ في التكوّن من جديد في كلا البلدين بعد مساعدة تركيا لإسرائيل في مكافحة نيران جبل الكرمل في مطلع شهر كانون أول (ديسمبر) من العام المنصرم. ولذا فقد بقي الوضع الحالي للعلاقات الإسرائيلية – التركية على حاله كما هو بعد الحادث، فقد استمرّت تركيا في مطالبة إسرائيل بالإعتذار عن حادث الأسطول وتعويض عائلات الضحايا الأتراك التسعة اللذين قتلوا على ظهر الباخرة مرمرة، واستمرّت من الناحية الأخرى إسرائيل في رفضها لهذا المطلب، هذا في الوقت الذي أعربت فيه علناً عن قلقها من تعهّد تركيا بتعميق علاقاتها مع إيران وسوريا.

 

          ولكن هل سيتغيّر ذلك؟ لقد عقدت الشهر الماضي المنظمة الدولية للأبحاث الاستراتيجية-  وهي منظمة يُعتبرمدراءها قريبين من رئيس الوزراء التركي رجب طيب أوردوغان – حلقة نقاش مهمّة حول وضع العلاقات التركية – الإسرائيلية بمشاركة خبراء ومحلّلين إسرائيليين وأتراك. ومنذ فترة قصيرة أخذ نائب وزير الخارجية الإسرائيلي داني أيالون – الذي يتذكره الناس لافتقاره للّباقة الدبلوماسية في تعامله مع سفير تركيا في إسرائيل أحمد أوغوز شيليكول – في تغيير لهجته تجاه تركيا. لقد أخبر مركز السياسة الأوروبية في بروكسل بأن على إسرائيل وتركيا التوقف عن تحميل بعضهما البعض المسئولية وعليهما بدلاً من ذلك العمل على إصلاح العلاقات بينهما ولو أنه ما زال مستمراً في تبرئة إسرائيل من أي فعلٍ خاطىء. وبالفعل، فقد بدأ المسئولون في كلّ من القدس وأنقرة يدركون وبصورة متزايدة يوماً بعد يوم بأنه من مصلحة بلديهما التّوصل إلى تسوية تضع علاقاتهما من جديد على أسس وطيدة في منطقة من المحتمل أن تتمزق بسبب الصراعات الطويلة والمستقبل المجهول والغامض.

 

          لقد بدأ الجانبان ليس فقط في إدراك أخطائهما الدبلوماسية بل أنّه قد استجدّت أيضاً مقوّمات رئيسية تقول بأنّ الآن هو الوقت المناسب لتحسين العلاقات. كانت تعتبرالعلاقات التجارية الإسرائيلية – التركية متينة لا تتأثر بتردي العلاقات السياسية. أما الآن فقد أصبحت الصفقات التجارية تجد صعوبة أكثر فأكثر في الانطلاق بمشاريع جديدة في سياق التوتر السياسي المستمر. وفي الوقت الذي تتأثر فيه الدول المجاورة من عدم الاستقرار الاقتصادي، من الحكمة بمكان أن يكون هناك دفع جديد لعلاقات اقتصادية قويّة بين البلدين. ستواجه تركيا إبان ذلك انتخابات عامة يوم 12 يونيو (حزيران) من العام الجاري. ولكن مع وجود حزب العدالة والتنمية  في المقدّمة في استطلاعات الرأي (حيث حصل على 50% من الأصوات) مقارنة مع 23% من الأصوات لحزب المعارضة وهو حزب الشعب الجمهوري، هذا مع تضاؤل التّوقع بأن انتقاد إسرائيل قد يُستخدم كأداة سياسيّة خلال فترة الحملة الانتخابية. وتجدّد الإشارة في هذا السياق بأن رئيس الوزراء أردوغان قد التزم نسبياً بالصمت في تصريحاته العلنيّة الإنتقادية لإسرائيل خلال الأسابيع الأخيرة. وفي تركيا يزداد الوعي إلى حاجة الإبقاء على خيارات سياساتها الخارجية بين الإنتخابات، بما في ذلك إمكانية تقوية العلاقات التركية – الإسرائيلية.

 

          ويعي البيروقراطيين الأتراك اللذين لديهم روابط قديمة ومتينة مع نظرائهم الإسرائيليين بأنّ على تركيا تحسين علاقاتها مع إسرائيل لتوسيع نفوذها في إعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط وما ورائها. وتساعد تركيبة الحكومة الإسرائيلية في الوقت الحاضر إلى إمكانية أكبر في التّوصل إلى تسوية للخلاف. فرحيل أوزي أراد – وهو من أشدّ نقّاد تركيا – عن الحكومة بصفته مستشار الأمن القومي يزيل عن آذان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قدراً كبيراً من النقد ضد تركيا. وفي نفس الوقت أصبح الآن وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان – وهو معارض آخر شرس ضد المصالحة مع تركيا -   منشغلاً وبصورة متزايدة أكثر من أي وقت مضى بسبب اتهامه في قضايا فساد، الأمر الذي أضعفه أيضاً سياسياً.أضف إلى ذلك، هناك حاجة ماسّة لإسرائيل لتحسين مكانتها الدولية وعلاقاتها مع الولايات المتحدة بعد الفيتو الأمريكي  على قرار في مجلس الأمن الدولي لإدانة  النشاط الإسرائيلي الاستيطاني في الضفة الغربية. وهذا يدعم فكرة أنّ دفع جديد للتوصل إلى تقارب مع تركيا سيكون مفيداً لحكومة نتنياهو. وأخيراً، ولربما من أهم المقومات لتحسين العلاقات أيضاً هو: مرور الوقت. فالمشاعر الغاضبة التي رافقت حادث الأسطول العنيف قد بدأت تخمد حتّى ولو لم يخمد بعد الحماس الذي نشأ نتيجة لذلك. وفي سياق الاضطرابات والثورات الإقليمية وإحساس الطرفين المتنامي بأنّ كل منهما يجب أن يعترف بحاجة النظر إلى الأمام لا إلى الخلف، بالإمكان استغلال اللحظة الحالية للشروع في وضع أساس لعلاقات محسّنة – ولكن كيف؟

 

          يجب أولاً التّوصل إلى حالة توازن مابين رغبة الطرفين في حفظ ماء الوجه. لن يكون أي من الطرفين مستعداً للقيام بتنازلات هامة تعطي انطباعاً بأنه انصاع لمطالب الطرف الآخر. ستعارض تركيا ذلك بالتأكيد في سياق حملة الانتخابات الجارية، وإسرائيل كذلك لأنها لا تريد الظهور في مظهر الضعيف بقيامها بتنازلات سريعة في وسط الاضطرابات والثورات الإقليمية. ولهذا السبب على إسرائيل وتركيا ألاّ تركّزا على التنازلات بل على التّوصل "لتفاهم جديد" فيما يتعلّق بسير علاقاتهما إلى الأمام عندما يقوم في الأيام القادمة مكتب الأمين العام للأمم المتحدة بنشر تصوّره الخاصّ حول الأحداث التي وقعت على ظهر الباخرة مرمرة.

 

          سيتطلّب التّوصل إلى مثل هذا التفاهم حواراً متواصلاً بتغذية راجعة وذلك للإتفاق على نصّ لغوي يعالج حدث الأسطول باصطلاحات تأخذ استنتاجات الطرفين بعين الاعتبار والحاجة أيضاً للإتفاق على تعويضٍ مناسب للضحايا. ولا حاجة أن يركز النصّ الذي يتم الإتفاق عليه على تحديد جليّ للأخطاء التي ارُتكبت بقدر ما يركز على الإدراك والإعتراف بشكل عام بالإنتهاكات والحاجة لإيجاد طريق بديل إلى الأمام يعتمد على أساس مصالح البلدين المشتركة في منطقة محفوفة بالمخاطروالمشاكل. وبدلاً من استخدام كلّ طرفٍ تقريره الخاص حول حادثة الأسطول لدسر إسفين أعمق بين مواقفهما، يجب على كلّ طرف أن يعترف بوجهة نظر الطرف الآخر كجزء من الطريق الذي سيقودهما إلى الأمام. والتوصل إلى تقدّم في هذا المجال سيكون له أهمية خاصة قبل نشر تقرير الأمم المتحدة لضمان بأنه سيكون خاتمةً لهذا الفصل المظلم.

 

          وفي صحوة الإطاحة بالرئيس حسني مبارك ينظر العديد من المحلّلين لتركيا على أنّها النموذج المحتمل لمصر ولإعادة تشكيل الشرق الأوسط العربي بشكلٍ عام. لكل بلدٍ بالطبع صفاتها الخاصّة بها وخصوصياتها، ولكن تركيا، في الواقع، كدولة ديمقراطية توازن التقاليد الإسلامية مع العصرية والنمو الاقتصادي، تقدّم صورة على ما قد يصبح عليه شرق أوسط جديد. وحتى أكثر من تقديمها نموذجاً لذلك، على تركيا أن تقدم دروساً هامّة لشعوب الشرق الأوسط. ولإعادة تشكيل العالم العربي يجب أن يكون م

TAGS
غير مصنف
SHARE ARTICLE