All Writings
يناير 31, 2022

مهاجمة إيران وصفة لكارثة

بغض النظر عن النجاح أو الفشل في التوصل إلى اتفاق جديد مع إيران، يجب على إسرائيل ألا تهاجم المنشآت النووية الإيرانية ويجب أن تعمل عن كثب مع الولايات المتحدة لتطوير استراتيجية مشتركة لكبح طموح إيران في الحصول على أسلحة نووية وربما إنهاء الصراع مع إيران على أساس أكثر ديمومة

تصحيح الخطأ

إن التهديدات الإسرائيلية المتكررة بمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية بغض النظر عن أي نتيجة في المفاوضات في فيينا بين مجموعة 5 + 1 (فرنسا والمملكة المتحدة وروسيا والصين والولايات المتحدة وألمانيا) وإيران هي وصفة لكارثة. إن حجة رئيس الوزراء بينيت بأن إسرائيل لن تلتزم بأي اتفاق، ليس فقط لأن إسرائيل ليست طرفاً في المفاوضات ولكن لأن إسرائيل وحدها هي التي ستقرر ما هو الأفضل لحماية أمنها القومي، هي مغالطة. فنظرًا للتعقيد والتداعيات البعيدة المدى لهجوم إسرائيلي محتمل، فإن الطريق الصحيح الوحيد للتعامل مع برنامج إيران النووي هو التنسيق الكامل وتطوير إستراتيجية مشتركة مع الولايات المتحدة للتعامل مع طموح إيران النووي لامتلاك أسلحة نووية مع السعي إلى وضع حد للصراع.

من الأهمية بمكان ألا تكرر حكومة بينيت – لابيد خطأ نتنياهو الكارثي بمعارضته خطة العمل الشاملة المشتركة والتي أقنع نتنياهو لاحقًا ترامب بالانسحاب منها تمامًا. فنتيجة لانسحاب الولايات المتحدة من الصفقة، قامت إيران فقط بتطوير برنامج أسلحتها النووية – منها تخصيب كمية كبيرة من اليورانيوم إلى 60 في المائة، وهي قفزة قصيرة فقط لتخصيبها لدرجة تصل إلى 90 في المائة لتصنيع الأسلحة وبقدر كاف. لإنتاج كمية سلاح نووي واحد في وقت قصير. قال مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان مؤخرًا: “سبب وجودنا في الموقف الذي نحن فيه الآن هو أن الإدارة السابقة انسحبت من صفقة إيران ونحن ندفع ثمن هذا الخطأ الكارثـي”.

قد تؤدي تهديدات بينيت المتكررة بمهاجمة إيران إلى سوء تقدير وعواقب وخيمة غير مقصودة لا تستطيع إسرائيل التعامل معها بمفردها. يجب أن تعمل إسرائيل يداً بيد مع الولايات المتحدة لمعالجة البرنامج النووي الإيراني الآن وفي المستقبل، ويجب ألا تلجأ إلى الخيار العسكري دون الدعم الكامل من الولايات المتحدة. يجب على حكومة بينيت أن تدرس بعناية النتيجة المشؤومة التي قد تترتب على مثل هذا الهجوم، والتي ستعاني منها إسرائيل والمنطقة بأكملها بشكل لا يمكن تصوره.

التداعيات المشؤومة للهجوم الإسرائيلي
تهديدات إسرائيل المتكررة غير حكيمة ولا تفعل شيئًا سوى منح إيران متسعًا من الوقت للاستعداد لأي طارئ. صرح مدير الموساد ديفيد بارنيا مؤخرًا أن “إيران لن تمتلك أسلحة نووية – ليس في السنوات المقبلة، وليس في أي وقت كان. هذا هو التزامي الشخصي: هذا هو التزام الموساد “. وبالنظر لدرايته بالعقلية الإيرانية، فإن مثل هذا البيان يأتي بنتائج عكسية ولا يفعل شيئًا سوى تصليد موقف إيران. حتى لو كانت إسرائيل تخطط لمثل هذا الهجوم، فإن الإعلان عنه بشكل متكرر مسبقًا يقوض فعاليته بشكل كبير.

تقوم إيران بالفعل بتحصين دفاعاتها الجوية، خاصة حول منشآتها النووية، وتضع قدرات هجومية يمكن أن تكلف إسرائيل ثمناً باهظاً إذا نُفّذ مثل هذا الهجوم. يمكن لإسرائيل في الواقع أن توجه ضربة مدمرة لمنشآت إيران النووية، لكنها لا تستطيع تدميرها كلها ولا المهارة الإيرانية. ومثل هذا الهجوم، مهما كان ساحقًا، لن يؤدي إلا إلى انتكاسة البرنامج النووي الإيراني لمدة سنتين إلى ثلاث سنوات.

من المسلم به أن أي هجوم إسرائيلي سيجبر طهران على الرد مباشرة على إسرائيل من خلال إطلاق صواريخ باليستية يمكن أن تصل إلى المدن الإسرائيلية الكبرى، مما قد يتسبب في دمار واسع النطاق وسقوط آلاف الضحايا. كما ستضمن إيران أن حزب الله، الذي يمتلك 150 ألف صاروخ، سيدخل المعركة ويطلق آلاف الصواريخ التي يمكن أن تصل إلى كل ركن من أركان البلاد. فبغض النظر عن مدى فعالية الدفاع الجوي الإسرائيلي، لا يمكن لصواريخ القبة الحديدية والسهم الاعتراضية أن تعترض عشرات الآلاف من الصواريخ قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى. علاوة على ذلك، قد تنضم حماس أيضًا إلى القتال، بالإضافة إلى جبهة ثالثة مع سوريا، حيث سيهاجم وكلاء إيران إسرائيل. الاقتصاد الإسرائيلي سيتحطم، والاشتباكات السابقة مع حماس وحدها تشهد على هذه الحقيقة.

يعتقد العديد من الخبراء العسكريين الإسرائيليين أن إسرائيل ليس لديها القدرة الجوية لمهاجمة إيران أكثر من مرة، ولا يمكنها تدمير جميع المنشآت النووية الإيرانية، لأنها منتشرة في جميع أنحاء البلاد والعديد منها مبني على عمق مائة قدم أو أكثر تحت الأرض. سيتطلب الأمر عدة أيام وهجمات متعددة لا تملك إسرائيل القدرة على القيام بها.

وعلى الرغم من أن جميع دول الخليج العربي ترغب في إزالة المنشآت النووية الإيرانية، إلا أنها تريد تجنب الحرب لأنه حتى هجوم إسرائيلي محدود يمكن أن يبتلع المنطقة بأكملها وما وراءها. وفي العديد من المحادثات التي أجريتها مع مسؤولين من الخليج، فضل جميعهم تقريبًا احتواء البرنامج النووي الإيراني والردع بقيادة الولايات المتحدة لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية ولضمان عدم قدرة إيران على تهديد جيرانها أو تخويفهم.

وأخيرًا، في حين أن الهجمات الإسرائيلية على المنشآت النووية في العراق وسوريا (في عامي 1981 و 2007 على التوالي) لم تنشر مواد مشعة في الغلاف الجوي لعدم وجود يورانيوم، تمتلك إيران مخزونًا من اليورانيوم المنقى بدرجات متفاوتة. وبالتالي، فإن الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية سيكون له عواقب بيئية وخيمة.

ومن وجهة النظر الإيرانية، فإن امتلاك السلاح النووي من شأنه أن يردع أي معتد، بما في ذلك الولايات المتحدة، من مهاجمتها. تريد إيران أن تقف على قدم المساواة مع باكستان السنية في شرقها وإسرائيل اليهودية في الغرب، وكلاهما قوة نووية. هذا يفسر جزئيًا سبب عدم رضوخ إيران بسهولة ولماذا تتخذ مثل هذا الموقف الصعب في مفاوضات فيينا، على الرغم من أنها تريد بشدة رفع العقوبات لإنقاذ اقتصادها المتعثر.

عمل فني لسام بن مئير

الحاجة إلى تعاون أمريكي-إسرائيلي كامل
إن مهاجمة إيران دون موافقة الولايات المتحدة، إن لم يكن بالدعم الكامل منها، ستقوض بشكل خطير العلاقات الإسرائيلية الأمريكية التي لا تستطيع القدس تحملها. يعد التعاون والتنسيق بين البلدين محوريا ً وسيظل كذلك في التعامل الفعال مع إيران. هذا مهم بشكل خاص لأن رجال الدين الإيرانيين يريدون تجنب أي مواجهة عسكرية مع الولايات المتحدة خوفًا من عواقب وخيمة.. قد يؤدي، في الواقع، الهجوم العسكري الأمريكي على إيران إلى تغيير النظام، وهو الأمر الذي تخشاه القيادة الإيرانية أكثر من أي شيء آخر وتريد منعه بأي ثمن.

لهذا السبب، من الأهمية بمكان لردع إيران أن تعمل حكومة بينيت – لابيد عن كثب مع إدارة بايدن ودعم أي اتفاق جديد قد يتم التوصل إليه بين إيران ومجموعة 5 + 1. إن إدارة بايدن ملتزمة بمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية ويجب على إسرائيل أن تثق في الولايات المتحدة للقيام بكل ما هو ضروري لتحقيق هذه الغاية، خاصة وأن إسرائيل لا تستطيع ولا يجب أن تعمل بمفردها.

الفشل أو النجاح في التوصل لاتفاق جديد
إذا فشلت مجموعة 5 + 1 في التوصل إلى اتفاق جديد، يجب على الولايات المتحدة وإسرائيل تطوير استراتيجية مشتركة لمنع إيران من حيازة أسلحة نووية على أساس الاحتواء والردع. ويشمل ذلك فرض عقوبات معوقة إضافية، وهجمات إلكترونية على المنشآت الإيرانية الحيوية، وتخريب منشآتها النووية، من بين تدابير أخرى معطلة. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي على الولايات المتحدة أن توضح أن جميع الخيارات مطروحة على الطاولة، بما في ذلك القوة العسكرية، والتي يمكن أن تشكل خطرًا كبيرًا في تغيير النظام، الأمر الذي يرعب إيران. بالإضافة إلى ذلك، يجب على الولايات المتحدة أن تنظر بجدية في خطوة استراتيجية لتغيير قواعد اللعبة من خلال توفير مظلة نووية لتغطية إسرائيل ودول الخليج.

في حالة التوصل إلى اتفاق جديد، وهو ما يبدو مرجحًا بشكل متزايد، فمن المتوقع أن يشمل التراجع عن عدد أجهزة الطرد المركزي العاملة وتقليل كمية ونوعية تخصيب اليورانيوم، مع تمديد ما يسمى “شروط الغروب” ((sunset clauses إلى ما بعد التواريخ الأصلية لمنع إيران من استئناف العمل ببرنامج أسلحتها النووية على مدى بضع سنوات. بالإضافة إلى ذلك، من الواضح أن الصفقة الجديدة ستعيد نظام المراقبة الأكثر صرامة لمنع إيران من الغش.

ومع ذلك، وبعيدًا عن هذه الإجراءات، يجب على الولايات المتحدة أن تسعى جاهدة لإنهاء الصراع مع إيران على أساس دائم. يجب على إدارة بايدن الشروع في محادثات عبر القنوات الخلفية لمعالجة النشاط الإقليمي الشائن لإيران، مثل قيامها بتسليح ومساعدة الجماعات المتطرفة مثل حزب الله وحماس ماليّا ً، هذا إضافة إلى برنامج الصواريخ الباليستية وطموحاتها في الهيمنة.

وبالإضافة إلى ذلك، وبالنظر إلى مخاوف إسرائيل العميقة والمشروعة بشأن أمنها القومي، يجب على إدارة بايدن أن توضح لإيران بشكل لا لبس فيه أنه يجب عليها إنهاء تهديداتها الوجودية المتكررة ضد إسرائيل. يجب على رجال الدين الإيرانيين أن يفهموا أن مثل هذه التهديدات يمكن أن تؤدي إلى اندلاع حريق كارثي – متعمد أو غير مقصود – يمكن أن يبتلع المنطقة بأكملها وقد تعاني منه إيران بشكل كبير.

في المقابل، إذا تبنت إيران مثل هذا المسار المعتدل، يجب على الولايات المتحدة أن تعد علنًا بأنها لن تسعى الآن أو في أي وقت في تغيير النظام المستقبلي، وهو أمر بالنسبة لرجال الدين اقتراح “افعل أو تموت”. علاوة على ذلك، ستشرع الولايات المتحدة في تطبيع تدريجي للعلاقات على جميع الجبهات.

من المؤكد أنه عندما يكون هناك تحليل لأي صراع، غالبًا ما تكون هناك فرصة لتحقيق اختراق. لا تريد إيران أن تظل دولة منبوذة وأن تكون دائمًا في موقف دفاعي، وستكون الولايات المتحدة وإسرائيل أيضا ً أفضل حالًا إذا انضمت إيران إلى مجتمع الدول كلاعب بناء على المسرح الدولي.

TAGS
غير مصنف
SHARE ARTICLE