All Writings
يونيو 5, 2019

لا تقدّم العصرية والحضارة درعا ً واقيا ً ضد الإبادة الجماعية في المستقبل

حيرت ظاهرة الإبادة الجماعية المؤرخين لأجيال عديدة. والسؤال الذي طُرح ولا يزال يُطرح هو: ما الذي يدور في أذهان الزعماء ، بغض النظر عن استبدادهم وقسوتهم ، لاستنتاجبأن ارتكاب الإبادة الجماعية ضد أعدائهم الحقيقيين أو المتصورين سيوفر لهم الخلاص الذي لن يؤتى إلا بإبادة الآخرين. وماذا يقول ذلك عنا كبشر فشلوا في تبني مقولة: “لن نعيدها مرة أخرى أبدا” التي أقسموا عليها كيمين دستوري في أعقاب الحرب العالمية الثانية باعتبارها تعويذة ترشدنا إلى منع حدوث عمليات إبادة جماعية؟

يبدو أننا توصلنا إلى فكرة أن العصرية والحضارة والقوانين الدولية التي تحظر الجرائم ضد الإنسانية ستكون كافية لمنع الإبادة الجماعية في المستقبل. على العكس من ذلك، فإن الحداثة هي ما وصلت فيه الإبادة الجماعية إلى ذروتها وتمكّن الدول من القتل على خط التجميع مثل الإبادة الجماعية التي ارتكبتها ألمانيا ضد اليهود. من الواضح أن هذه الفكرة مضللة تمامًا كما يتضح من عمليات الإبادة الجماعية في كوسوفو والسودان ورواندا التي ارتكبت بعد حوالي خمسة عقود من انتهاء الحرب العالمية الثانية.

لم تتغير الدوافع المختلفة التي دفعت الزعماء السابقين إلى ارتكاب مثل هذه الإبادة الجماعية على نطاق واسع ، لأن كراهية الأجانب والعنصرية والتمييز والتعصب لا تزال جزءًا كبيرًا من المجتمع البشري. حتى المراجعة السريعة لما يحدث حولنا في الوقت الحاضر ، من الصين إلى أمريكا ، تشير إلى أنه لم يتمّ القضاء نهائيّا ً على جذور الإبادة الجماعية. في الواقع ، طالما أننا ما زلنا نرى بعضنا البعض من منظور دين مختلف أو لون مختلف أو عرق مختلف أو أيديولوجية مختلفة ونلوم الآخرين على محنتنا ، فإن احتمال حدوث عمليات إبادة جماعية في المستقبل لا يزال يلوح في الأفق.

كان الدافع وراء عمليات الإبادة الجماعية التي حدثت على مدى السنوات ال 110 الماضية مبررات مختلفة ولكنها أدت إلى عواقب وخيمة مماثلة.

في أعقاب انهيار الإمبراطورية العثمانية دعا الأتراك إلى تشكيل دولة إسلامية حصرية. وسياسة “تركيا للأتراك” ورفض أي جنسية لا تؤيد الإسلام أدت إلى هلاك ما يقرب من 2.5 مليون يوناني بونتي وأرمني. وفي رواندا كان ينظر إلى الإبادة الجماعية باعتبارها السبيل الوحيد للخروج من حلقة تاريخية من التمييز والقمع لأغلبية الهوتو من قبل أقلية التوتسي.

واعتقد الألمان أنهم ينتمون إلى عرق متفوق –العرق الآري – بينما ينتمي اليهود إلى عرق أدنى يهدد بتلويث المجتمع الألماني وثقافته .وتبنت صربيا إيديولوجية استبعادية قوية معلنة أن صربيا كانت للصرب فقط وأن الجنسيات الأخرى يجب أن تغادر أو تُزال. وأخيراً ،أدت في السودان المنافسة على الموارد الشحيحة وهيمنة واستيلاء شمال السودان على جنوب السودان – ومعظمهم من غير المسلمين وغير العرب – إلى إبادة جماعية هناك.

طرق الإبادة
استخدمت الدول التي ارتكبت الإبادة الجماعية إلى حد كبير أساليب مماثلة لإبادة أعدائها. استخدم العثمانيون ضد الإغريق البونتيين مذابحومسيرات الموت وطرد بدون محاكمة والإعدامات التعسفية والإغتصاب والتجنيد القسري في الكتائب العمالية.

رافقت الجهود التي بذلها الجيش الصربي لإعادة فرض سيطرته على المنطقة فظائع مثل تدمير أكثر من 500 قرية وقتل ما يقدر بنحو 15300 مدني. تم اغتصاب عشرين ألف امرأة واختفت الآلاف. كان رد صربيا على تدخل الناتو هو طرد جميع ألبان كوسوفو، دافعين بذلك ما يقرب من 1.2 مليون لاجئ إلى ألبانيا ومقدونيا والجبل الأسود المجاورة.

تم تنفيذ السياسة التركية الخاصة بإبادة الأرمن تحت ستار الترحيل. ونُفذت مذابح من خلال عمليات حرق جماعية: تم إحراق 80 ألف أرمني في 90 قرية في إسطبلات ومخازن التبن. قُتل الآلاف من جراء الغرق –تمّ وضع النساء والأطفال على قوارب انقلبت في البحر الأسود. كما ساهم الأطباء الأتراك في تخطيط وتنفيذ الإبادة الجماعية. وبشكل عام ، تم إعدام ما يقرب من 1.5 مليون أرمني.

وفي ألمانيا بدأت إبادة اليهود عن طريق “الحل النهائي” ، بمجموعات قتل متنقلة تسمى “Einsatzgruppen”. هؤلاء قاموا بتجميع اليهود من بلدة إلى أخرى وساروا بهم إلى حفر ضخمة وجردوهم من ملابسهم واصطفوهم ثمّ أطلقوا عليهم النار بالأسلحة الآلية. ومباشرة بعد مؤتمر وانسي في عام 1942 تم قتل الرجال والنساء والأطفال اليهود بشكل منهجي بالغازات السامة. لقد قُتل أكثر من ستة ملايين يهودي على مدار أربع سنوات.

وفي رواندا تم حشد جماعات ميليشيا غير رسمية تسمى إنتراهاموي. وفي ذروتها كانت هذه المجموعة تعدّ 30000. وإضافة إلى عمليات القتل الجماعي الوحشية استخدم الإغتصاب المنهجي كسلاح حرب أثناء الإبادة الجماعية.

بدأت الإبادة الجماعية في دارفور في عام 2003 بالقتل الجماعي والإغتصاب للأشخاص الذين كانوا يعيشون في غرب السودان ونفذتها جماعة الجنجويد، وهي مجموعة كانت تمولها الحكومة وواصلت هجماتها حتى عام 2010. الجنجويد هي مجموعات ميليشيا عربية عرقية كانت تنفّذ هجمات حكومية من الجوّ بحملات الأرض المحروقة وتحرق القرى وتسمم الآبار.

الدعاية
بدأت الدعاية القوية للعموم التركي والإسلامي في الظهور في الصحافة العثمانية في أوائل أغسطس 1914 ، وهذه عزلت وأخافت غير المسلمين ؛ اعتقد العثمانيون أن الإغريق المسيحيين البونتيك كانوا يفسدون السكان ويهددون سلامة الدولة القومية ذات الأغلبية المسلمة. وأنشأت السلطات العثمانية حملة دعائية مدعية أن الأرمن كانوا يشكلون تهديدًا للأمن القومي ويرجع ذلك جزئيًا إلى دعم بعض الأرمن لروسيا في الحرب العالمية الأولى التي كانت ما تزال متأججة. ونظرًا لأن معظم الأتراك كانوا أميين ، فقد تم نشر الدعاية المعادية للأرمن في المقام الأول في عظات الملالي المسلمين ومن قبل المنادين والبائعين المتجولين في المدن الذين وصفوا الأرمن بأنهم جواسيس وكفار وخونة. كان الترويج للإسلام أمرًا بالغ الأهمية ، لأنه كان الأيديولوجية المركزية وراء الإبادة الجماعية للأرمن واليونانيين.

كانت إحدى الصحف الرئيسية للدعاية النازية جريدة أسبوعية تسمّى “المهاجم” (Der Stürmer)” ، والتي كانت تعلن في الجزء السفلي من الصفحة الأولى من كل عدد ، “اليهود هم محنتنا!” كانت هذه الصحيفة تصوراليهود بشكل ٍ منتظم برسوم كاريكاتيرية كأنف مدمن مخدرات وشبه قردة. واستخدمت وزارة التنوير والدعاية العامة برئاسة جوزيف غوبلز لهذا الغرض الفن والموسيقى والمسرح والأفلام والكتب والإذاعة والمواد التعليمية والصحافة. وشجعت الدعاية اللآمبالاة وقبول القوانين العاملة ضد اليهود. وصورت الأفلام النازية اليهود على أنهم طفيليات طائشة دون البشر تخترق المجتمع الآري.

إستندت حملة دعاية ميلوسيفيتش إلى تقنيات النازيين مضافا ً لها قوة المحطات التلفازية. ولتعاضد السكان معًا استندت الدعاية الرسمية إلى مصادر اللغز الصربي، أي تلك الخاصة بالشعب الذي كان ضحايا وشهداء التاريخ الذين تعرضوا لسوء المعاملة ، ولصربيا الكبرى المرتبطة ارتباطًا لا ينفصم بالدين الأرثوذكسي. وأصبح الاستخدام المتكرر للتلفاز والإذاعة الصربية للأوصاف التحقيرية ضد الكروات والبوسنيين والألبانيين جزءًا من الاستخدام الشائع.

واستخدم متطرفو الهوتو في رواندا أيضا ًوسائل الإعلام لصالحهم. دعا المسؤولون المحليون والمحطات الإذاعية التي ترعاها الحكومة المدنيين الروانديين العاديين إلى قتل جيرانهم. وتم استخدام الراديو لبيان مواقع التوتسي كي يتم استهدافهم. كما تم استخدام الراديو لتبرير الإبادة الجماعية. وأخذ مضيفو الإذاعة يناقشون التمييز الذي عانى منه الهوتو في عهد التوتسي.

وفي جبال النوبة وجنوب السودان تم تبرير الجرائم ضد الإنسانية من خلال وصف الضحايا، وهم عموما ً مسيحيون، على أنهم “كفار”. وفي دارفور، ذات الغالبية المسلمة ، كان هناك حاجة إلى نوع مختلف من الترشيد للذبح، فقد صنف النظام أهالي دارفور على أنهم كفار من خلال ربطهم باليهودية ، وأكد أن الفور والزغاوة والمساليت هم من غير العرب وتم تصوير قبيلة الزغاوة بشكل خاص على أنها ذات أصول يهودية. كانت تُعتبر جميع القبائل عمومًا غير مسلمة ، وبالتالي فهي شريرة ودون إلإنسانية ولا يمكن الوثوق بها.

تدابير لمنع الإبادة الجماعية في المستقبل
كما شاهدنا ، لم يتحقق مفهوم “لن نعيدها مرة أخرى أبدًا” الذي تم صياغته في أعقاب (المحرقة) “الهولوكوست” وتم تبنيه باعتباره شعار الأجيال القادمة لمنع الإبادة الجماعية. لقد حدثت أعمال الإبادة الجماعية المرعبة مرارًا وتكرارًا خلال العقود الثلاثة الماضية ؛ وتقدم رواندا والسودان وكوسوفو أمثلة واضحة على ذلك. إن ما هو ضروري إذن هو خلق الوعي ، وخاصة بين جيل الشباب ، بشأن أهوال الإبادة الجماعية التي يمكن للبشر إلحاقها بالآخرين والتوقف عن التظاهر بأن العصرية والحضارة توفر درعًا طبيعيًا للإبادة الجماعية في المستقبل.

الحقيقة بأن الجيل الشاب الحالي أصبح أقل وعيًا بشكل متزايد بالإبادة الجماعية التي حدثت حتى قبل عقدين من الزمن تبعث على القلق الشديد. على سبيل المثال ، أقل من 35 في المئة من الأميركيين يدركون أنه كان هناك إبادة جماعية ضدّ الأرمن. وفي بريطانيا سئل 800 طالب من 15 مدرسة عما إذا كانت لديهم أي معرفة حول الإبادة الجماعية التي حدثت منذ الهولوكوست ؛ 81 في المائة لم يتمكنوا من تسمية أي إبادة جماعية حديثة ، و 13 في المائة فقط عرفوا بالإبادة الجماعية في رواندا ، و 5 في المائة كانواعلى علم بالفظائع التي ارتكبت في البوسنة وكمبوديا ، و 2 في المائة فقط يعرفون الإبادة الجماعية في دارفور.

هناك العديد من التدابير التي يتعين على جميع الدول اتخاذها لمنع الإبادة الجماعية في المستقبل وإن لم يكن من الممكن أن تضمن واحدة أو مجموعة من هذه التدابير عدم حدوث إبادة جماعية مرة أخرى. ومع ذلك ، يجب أن نظل متيقظين وأن نفعل كل ما يتطلبه الأمر لمنع عمليات القتل الجماعي.

أولاً ، من الأهمية بمكان أن يتم تقديم دراسة الإبادة الجماعية بشكل عام كمادة دراسية يجب على جميع طلاب المدارس المتوسطة والثانوية اتخاذها. لا شك أن تعلم التاريخ وعلم النفس والدافع والمنهجية المستخدمة لتنفيذ عمليات الإعدام الجماعية هي خطوة ضرورية من شأنها أن تساعد في منع الإبادة الجماعية في المستقبل. وفي هذا الصدد ، يعد الإستماع إلى قصص وتجارب الناجين من الإبادة الجماعية في أحد الفصول الدراسية أمرًا بالغ الأهمية لأنه على عكس القراءة عن الإبادة الجماعية (وهو أمر حيوي) ، فإن مشاركة تجربة ما تحمله أحد الناجين ، لا سيما عند وصف العواقب المروعة، يضفي الطابع البشري الإنساني على الضحايا ويترك علامة لا تمحى في عقول الطلاب. بالإضافة إلى ذلك ، من الضروري توفير الكتب والمواد المطبوعة الأخرى ومقاطع الفيديو التي تم إنتاجها خصيصًا لتلك الفئات العمرية لمعرفة المستوى الذي يستطيع فيه البشر أن ينحدروا.

ثانياً ، من الضروري أن تعقد المجتمعات المحلية ندوات واجتماعات في مجالس المدن لمناقشة عمليات القتل الجماعي مع متحدثين لديهم خبرة شخصية أو يتمتعون بكفاءات أو خبرات معروفة بشأن الإبادة الجماعية. ينبغي أن تقام هذه النشاطات في الذكرى السنوية لمختلف عمليات الإبادة الجماعية بالتزامن مع حملات التوعية العامة لضمان أن يتم تذكر هذه الفظائع. ينبغي للمنظمات التي تركز على التثقيف بشأن الإبادة الجماعية ومنعها ، مثل متحف الهولوكوست التذكاري بالولايات المتحدة ومشروع كفى ، أن تقود المسيرة في عقد مثل هذه النشاطات والمناسبات وذلك بالنظر إلى مصداقيتها وخبرتها في مسألة الإبادات الجماعية. إن دعوة الصحافة لتغطية مثل هذه الأحداث ستذكر الناس بأننا نعيش في وقت لا يزال من الممكن أن تحدث فيه هذه الفظائع ، وأن كل واحد منا يجب أن يضطلع بدور ، مهما كان صغيراً ، في نشر المعرفة بالأفعال التي لا يمكن فهمها والتي هي للأسف لا تزال جزءًا من طبيعتنا كبشر.

ثالثًا ، الإعتراف بأن جرائم القتل الجماعي قد حدثت بالفعل واتخاذ تدابير معينة لمنع حدوثها مرة أخرى- مثل الحالة مع ألمانيا – يمكن أن يقطع شوطًا طويلاً لمنع التاريخ من تكرار نفسه من خلال خلق عملية مصالحة لتضميد الجراح. وعلى هذا النحو، يجب ألا نسمح لدول مثل تركيا (بما في ذلك أسلافها العثمانيون) التي ارتكبت فظائع لا توصف بحق الإغريق والأرمن في أعقاب الحرب العالمية الأولى بإنكار جرائمها ضد الإنسانية دون عقاب. ترفض تركيا حتى الآن في عهد الرئيس أردوغان الإعتراف بجرائم تركيا التاريخية. ينبغي على كل دولة أن تتبع خطى فرنسا وألمانيا وأن تسنّ قوانين تجرم إنكار الإبادة الجماعية اليونانية والأرمنية كجريمة يعاقب عليها بالسجن أو الغرامة أو كلاهما.

رابعًا ، من الضروري أن تقوم الأمم المتحدة أو الإتحاد الأوروبي (ويفضل أن يكون الإتحاد الأوروبي لمنع المناورة السياسية) بإنشاء لجنة لمراقبة النزاعات داخل أو فيما بين البلدان التي قد تؤدي إلى الإبادة الجماعية. يمكن اتخاذ تدابير وقائية لمنع مثل هذه الصراعات من التصعيد، أي أن التدخل المبكر قد يؤدي بالتأكيد إلى تخفيف حدة التوتر وتخفيف حدة النزاعات. على سبيل المثال ، التدخل المبكر في رواندا كان بمقدوره أن يمنع الإبادة الجماعية ضد التوتسي. كانت هناك علامات واضحة على أن التوتر بين الجانبين يتصاعد. أبلغ قائد قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة الجنرال روميو دالير رؤسائه في نيويورك أن الإبادة الجماعية باتت وشيكة في مذكرة تعرف الآن باسم “فاكس الإبادة الجماعية”. وحقيقة أن ما يقرب من 800.000 تم ذبحهم خلال فترة 90 يومًا لم تكن فورة عفوية ، ولكن من الواضح أنها كانت خطة متعمدة كانت تُحضّر فترة طويلة من الزمن.

وأخيرًا ، في عصر وسائل التواصل الإجتماعي غير المسبوقة التي تسمح لنا بالوصول إلى ملايين الأشخاص في بضع دقائق ، يجب الاستفادة منها بشكل كامل لخلق وعي أكبر بالإبادة الجماعية. ومهما كان استخدام وسائل التواصل الاجتماعي مثيراً للجدل، فلا يمكن تجاهل انتشارها الساحق ويجب استخدام قوتها لخلق وعي عام بالإبادات الجماعية السابقة التي من شأنها أن تساعد في منع الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في المستقبل.

على نفس المنوال ، يجب أن تتحمل شركات مثل “فيسبوك”( Facebook) – التي استُخدمت برنامجها للتحريض على الإبادة الجماعية في ميانمار و”تويتر” (Twitter) التي كانت تستخدم من قبل تنظيم “داعش” بشكل رائد لتعزيز أيديولوجيتها – المسؤولية وأن تكون سباقة في إزالة المحتوى الذي يحرض على الكراهية والعنف.

الحرب الأهلية في سوريا التي أدت حتى الآن إلى مقتل أكثر من 600.000 شخص وخمسة ملايين لاجئ وعدد مماثل من النازحين داخلياً ليست- بحكم تعريفها – إبادة جماعية. ومع ذلك ، فإن قصف البلدات والقرى بشكل عشوائي من الجو لقتل عشرات الآلاف من الأبرياء لا يزال أقرب إلى الإبادة الجماعية. وعندما يُسمح بأن تحدث مثل هذه الأعمال الوحشية في سوريا واليمن على حد سواء دون بذل أي جهد لوقفها ، فإن هذا يشير إلى المدى الذي وصل إليه عجز المجتمع الدولي ولامبالاته ليسمح بحدوث مثل هذه المذابح المرعبة.

هذه الأنواع من الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي تحدث مع إفلات مرتكبيها من العقاب ، إلى جانب عمليات الإبادة الجماعية المستمرة ضد مسلمي الروهنجيا في ميانمار واليزيديين والأكراد والمسيحيين على يد داعش هي التي تثير تساؤلات جدية حول قدرتنا على التصدّي لمثل هذه الجرائم المرعبة. إننا نستطيع ، إذا أردنا ذلك فقط، لكننا ما زلنا غير مستعدين للإرتقاء إلى هذا المستوى واتخاذ أي تدابير ضرورية لمنع مثل هذه الأعمال الوحشية.

ما الذي تغير وما الذي تعلمناه من عمليات الإبادة الجماعية السابقة ؟ قليل جداً. طالما وضعنا مصلحتنا السياسية قصيرة النظر فوق حياة البشر، فإننا نثبت أننا قد تعلمنا القليل من التاريخ وندين بتكراره مرارًا وتكرارًا. يجب أن نحمل شعار “لن نسمح بحدوث ذلك أبدًا” ، وأن نتحرك قبل فوات الأوان.

TAGS
غير مصنف
SHARE ARTICLE