لن تكون المخاطر أبدا أعلى من ذلك في إنتخابات إسرائيل القادمة
بقلم شبتاي شافيت و أ.د.ألون بن مائير
في الوقت الذي تستعد فيه إسرائيل للإنتخابات البرلمانية في شهر سبتمبر من هذا العامّ ، وهي الثانية في خمسة أشهر ، يشير معظم خبراء الأمن القومي والأفراد المهرة سياسياً والأكاديميين إلى أن هذه الإنتخابات قد تكون الأكثر أهمية منذ عام 2000. فمنذ ذلك الوقت تغيّرت الجغرافيا السياسية والأمن الإقليمي بشكل كبير ، الأمر الذي قد يؤدي إما إلى حريق إقليمي أو سلام ، وهذا الأمر يعتمد إلى حد كبير على من سيكون رئيس الوزراء القادم والإتجاه السياسي العام للحكومة الجديدة.
هناك إجماع متزايد بين الإسرائيليين على أنه إذا شكل رئيس الوزراء نتنياهو الحكومة المقبلة ، فإن إسرائيل ستفقد فرصة تاريخية للتوصل إلى اتفاق سلام إسرائيلي – فلسطيني يقوم على أساس حل الدولتين في سياق سلام عربي إسرائيلي شامل.
والسؤال المطروح هو: كيف يمكن حرمان نتنياهو وحزبه الليكودي من الفوز بأغلبية نسبية تسمح له بتشكيل حكومة يمينية أخرى، حكومة من شأنها تصعيد التوترات الإقليمية بشكل خطير وخسارة أي احتمال لسلام إسرائيلي فلسطيني في المستقبل المنظور.
الجواب هو أنه إذا وضع حزب كاهول لافان (الحزب الأزرق والأبيض) – الذي تأسس في أبريل الماضي بقيادة غانتس ولبيد – المصالح الوطنية للبلاد أولاً من خلال إنهاء مشاحناتهم الشخصية والتعبير عن وحدة الهدف والتركيز فقط على الأمن القومي – حيث يتمتعون بميزة ساحقة على نتنياهو – يمكن لهذا الحزب هزيمة حزب الليكود بقيادة نتنياهو وتشكيل الحكومة المقبلة.
نتنياهو ، الذي يعد الآن رئيس الوزراء الأطول خدمة منذ تأسيس الدولة ، جعل بمهارة اسمه مرادفا للأمن القومي لإسرائيل. صحيح أنه ساهم في جعل إسرائيل قوة إقليمية ، لكنه فشل في التوصل إلى سلام إسرائيلي فلسطيني قد يوفر الأمن النهائي للدولة. وبدلاً من ذلك إلتجأ إلى نشر الخوف مقنعا ً غالبية الإسرائيليين بأنه لا يمكن الوثوق بالفلسطينيين وأن الدولة الفلسطينية ستشكل أكبر خطر على أمن إسرائيل القومي على المدى الطويل.
والآن ، يرشح نتنياهو نفسه مرة أخرى للإنتخابات باستخدام نفس الأسلوب الشرير المتمثل في نشر الخوف ويعرض نفسه كـ “مستر سيكيوريتي” الذي يستطيع وحده إنقاذ البلاد من مستقبل محفوف بالمخاطر. وبعد أن قضى 11 عامًا متتاليًا كرئيس للوزراء ، أصبح نتنياهو أكثر تعطشا ً للسلطة والفساد. يواجه تهمًا محتملة تتعلق بالرشوة والإحتيال وانتهاك الثقة فيما يتعلق بثلاث حالات. إنه يقاتل الآن من أجل حياته السياسية على أمل أن تعفي إعادة انتخابه من مواجهة ما يصل إلى عقوبة 10 سنوات في السجن إذا أدين.
وعلى هذا النحو فقد أصبح نتنياهو الآن عبئا ً أكبر من كونه أحد مقومات أمن إسرائيل. إن تعهده بعدم السماح بإقامة دولة فلسطينية تحت سمعه وبصره وميله نحو ضم الضفة الغربية لن يجعل إسرائيل سوى حامية ودولة تمييز عنصري تعيش بالسلاح ، وهذا يضر بإسرائيل كدولة ديمقراطية مستقلة، دولة ذات أغلبية يهودية مستدامة.
وهذا مثير للقلق بشكل خاص في الوقت الذي تحالفت فيه الدول العربية ، ولا سيما المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى ، علنا ً مع إسرائيل ضد أعدائها المشتركين – إيران والجهاد العالمي / الإسلام الراديكالي – وأبدت بوضوح استعدادها لإحلال السلام مع إسرائيل بمجرد التوصل إلى اتفاق سلام إسرائيلي – فلسطيني.
يجب على حزب كاهول لافان (أزرق أبيض) الآن اغتنام الفرصة غير المسبوقة لحرمان نتنياهو من ولاية أخرى من خلال تولي شعار الأمن القومي. ينبغي عليهم تغيير مسار إسرائيل نحو السلام مع الفلسطينيين بشكل جذري على الرغم من أنهم يتجنبون التحدث عن حل الدولتين الذي يتبناه معظمهم على انفراد بشرط ألا يتعرض أمن إسرائيل للخطر الآن أو في أي وقت في المستقبل.
وعلى الرغم من أنه يمكن لإسرائيل هزيمة أي بلد أو مجموعة من دول المنطقة عسكريا ، إلا أن لإسرائيل أسبابًا مشروعة للقلق بشأن أمنها القومي الذي هو جزء لا يتجزأ من نفسية كلّ مواطن إسرائيلي. يمكن إرجاع هذه المخاوف إلى الهولوكوست وعقود من العداء من التهديدات الوجودية المستمرة لبعض الدول العربية وإيران وحلفائها (تهديد حزب الله وحماس) والإرهاب وعدم اليقين في المستقبل بسبب عدم الإستقرار في المنطقة والمنافسين على السلطة.
ومن خلال تبني الأمن القومي فإنهم (غانتس و لابيد) يستحوذون على تفوق لا جدال فيه في مسائل الأمن على نتنياهو ، وهو شرط أساسي لأي سلام. يُحظى الليفتنانت جنرال غانتس وزملاؤه ووزير الدفاع السابق واللفتنانت جنرال موشيه يعالون واللفتنانت جنرال غابي أشكنازي بالثقة ويتمتعون بمصداقية هائلة في حماية الأمن القومي للبلاد.
لكن الأمر المهم للغاية هو أن الأمن القومي النهائي لإسرائيل يعتمد على سلام دائم مع الفلسطينيين. وفي أي محادثات سلام ، سيصرون على ضرورة اتخاذ كل التدابير لضمان أمن الدولة دون المساس بإنشاء دولة فلسطينية مستقلة تتعاون كليّا ً مع إسرائيل في جميع القضايا الأمنية.
إن التحول السياسي الديناميكي في المنطقة ، بالإضافة إلى السلام بين مصر والأردن مع إسرائيل ، هو أن غالبية الدول العربية السنية تدرك أن إسرائيل هي القوة العظمى في المنطقة مع التكنولوجيا الأكثر تطوراً التي ترغب فيها هذه الدول. لكن قبل كل شيء ، توفر براعة إسرائيل العسكرية الدرع النهائي لحمايتهم من إيران الشيعية.
لا شك أن إسرائيل تواجه مفترق طرق حرجاً ولم تكن المخاطر أعلى على الإطلاق. يتمتع قادة كاهول لافان بفرصة ممتازة للحصول على أغلبية نسبية وتشكيل حكومة ائتلافية جديدة مع الوسط وأحزاب يسار الوسط.
ووفقًا لجميع استطلاعات الرأي تقريبًا، فإن غالبية الإسرائيليين يؤيدون بشكل كامل حلّ الدولتين. لكنهم يريدون أن يطمئنوا إلى أن أمن الدولة لن يتعرض للخطر من خلال إقامة دولة فلسطينية بل سيتمّ تعزيزه ، خاصة إذا تم تحقيق سلام إسرائيلي فلسطيني في إطار سلام عربي إسرائيلي شامل كجزء من الشرق الأوسط الجديد الذي يتم بناؤه أمام أعيننا.
يتمتع كاهول لافان، جنبًا إلى جنب مع كتلة من أحزاب يسار الوسط ، بفرصة تاريخية لتحقيق ذلك.
شبتاي شافيت هو المدير السابق للموساد.
الدكتور ألون بن مائير أستاذ العلاقات الدولية في مركز الشؤون العالمية بجامعة نيويورك.